أرغب بالطلاق وأخاف من المستقبل، فما توجيهكم لي؟

0 43

السؤال

السلام عليكم.

أتمنى أن أجد جوابا شافيا يخرجني من حيرتي.

أعاني من تعاسة زوجية أثرت على صحتي، فأنا متزوجة منذ 13 عاما، ولدي طفل، أعيش في دولة أوروبية، درست فيها قبل الزواج، وحصلت على شهادات عليا، لم أتوظف؛ لأني كنت متمسكة بالحجاب، وهو مرفوض في البلد الذي أعيش فيه، ولا يمكنني أيضا أن أصلي في الدوام.

كانت بيننا خلافات منذ سنوات الزواج الأولى، لكننا كنا نتجاوزها حتى يستمر الزواج، ولكن مع مرور الوقت تعبت من الجدال، والشح العاطفي، والشح في الحوار الذي يتحول إلى جدال، صبرت على طبعه، إلى أن صدمت بقلة غيرته، ومزاحه بأنه يلزمني شخص عاطفي، وطلبه أن أتخيل رجلا آخرا!

هل أذنب إن امتنعت عن العلاقة الحميمية؟ مع العلم أنه موافق على امتناعي، واعترف بأنه كان السبب، وهل علي إثم إن طلبت الطلاق؟

لدي خوف من المجهول بعد الطلاق، وفي نفس الوقت صعب علي أن أضغط على نفسي للاستمرار في زواج شكلي مليء بالغضب والحسرة، والطرف الآخر لا يبالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

نحن بداية لا نشجع الاستعجال في إنهاء هذه العلاقة، رغم الذي يشوبها من النقص والخلل، وأرجو ألا تمتنعي عن الصواب إذا طلب هو غير الصواب، واجتهدي دائما في القرب من زوجك والنصح له، وأدي ما عليك، واعلمي أن امتناعك عن العلاقة الحميمية لا يزيد الأمور إلا سوءا، ولا يحقق لك الاستقرار النفسي ولا المصلحة.

إذا طلب هو أشياء غير مقبولة من الناحية الشرعية، فلك أن ترفضي؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن تستطيعين أن توجهيه، تستطيعين أن تستفيدي من اللحظات التي يمكن أن يكون فيها مقبلا عليك، وتعرضي له، وتزيني له، وقومي بما عليك، ولا يحملك ما يحصل منه من الخطأ على أن تقابلي خطأه بالخطأ؛ لأن الخطأ لا يقابل بالخطأ، إنما يقابل بالصواب، ويقابل بأداء ما عليك من حق تجاهه، بالاحتيال وبالمداراة، واستخدام الوسائل في التأثير والتغيير، ونسال الله أن يعينكم على الخير.

وإذا كنت -ولله الحمد- حريصة على حجابك وطاعتك لربك، فإن العاقبة للمتقين، والعاقبة للصبرين، ومن أحسن أحسن الله إليه، ومن أساء فعليه.

نكرر رفضنا للامتناع عن العلاقة الحميمية؛ لأن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق بدونها، ولأن امتناعك عن الحلال سيدفعه إلى ممارسات خاطئة، وإلى أمور لا تحمد عقباها، والمرأة (إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، ‌وحفظت ‌فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) [مسند أحمد].

لذلك تذكري أن الله سيحاسبه وحده، ويحاسبك وحدك، يحاسبه على تقصيره وعلى مطالباته المخالفة للشريعة، وسيحاسبك أيضا عن امتناعك عن العلاقة، كما أن العلاقة الخاصة أنت تعاقبين فيها نفسك، كما أنك تحاولين أن تعاقبيه، بل قد تكونين أنت المعاقبة أصلا، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دعا الرجل امرأته إلى ‌فراشه ‌فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) [رواه البخاري]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها، فتأبى عليه، إلا ‌كان ‌الذي ‌في ‌السماء ساخطا عليها، حتى يرضى عنها) [رواه مسلم].

فلا تستعجلي في طلب الطلاق، وحافظي على الطفل الذي عندكم، واسألي الله أن يصلحه، وشجعي تواصله مع الموقع إذا رضي أن يعرض ما عنده؛ حتى يسمع التوجيهات من إخوانه من الرجال.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونحن ننتظر ممن حرصت على حجابها رغم أنها تملك شهادات، وتركت الوظائف لأنها تريد طاعة الله تبارك وتعالى، أن تتجاوز أيضا هذه الصعوبات، فلا تستعجلي في طلب الطلاق الذي لا يفرح سوى عدونا الشيطان، واجعلي همك إصلاح هذا الزوج، وتذكري بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فوالله ‌لأن ‌يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم) [رواه البخاري ومسلم]، فكيف إذا كان الرجل هو الزوج ووالد هذا الطفل!

نسأل الله أن يؤلف بين قلوبكما، وأن يغفر الزلات والذنوب.

مواد ذات صلة

الاستشارات