السؤال
السلام عليكم.
أمي لديها مخالفات كبيرة، ولديها جوانب من الطاعات، وأحيانا تتكلم في بعض الناس سواء من القرابة أو غيرهم، وتوسوس، وتتهمهم بأمور؛ فالأشياء التي أعرفها، ومتأكدة منها أصدقها، والأشياء التي لا علم لي بها لا أصدق أمي بها، ولا أتهم أحدا.
وأيضا هي توسوس وتتكلم عن الأمراض الروحية، وتنقل لي معلومات عن هذه الأمور، مثل: تشخيص الأعراض، ووقوعها، وذهابها، وطرق العلاج، وكيف تقع، وغيره من المعلومات عن هذه الأمراض، فيكون كلامها أحيانا صحيحا، وأحيانا لا أصدقها؛ لأنها تذهب مع أختي -التي لديها مخالفات كبيرة- إلى بعض الرقاة السيئين، حيث تأتي بمعلومات منهم، وأحيانا تأتي بمعلومات دينية من مواقع ثقة، فهي مطلعة على أشياء من العلم الشرعي، فآخذ بها، خاصة عندما تقول بأن مصدر هذه المعلومة من هذه المواقع الثقة، أو من المشايخ الموثوق بهم، فأنا لا أصدق إلا ما كنت متأكدة منه.
وأيضا تستعمل أشياء من العلاج الذي تأخذه من عند هؤلاء الرقاة، كالماء والزيوت والزعفران، فأنكر عليها، ثم تبت من جلوسي معها؛ لأني لا أريد أن أتأثر، فأنا أخشى على عقيدتي ولا أريدها أن تمس، كما أنني أعاني من الوسواس أصلا.
فما توجيهكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يذهب هذه الوساوس ويصرفها عنك، وأن يصلح أحوالك وأحوال أسرتك جميعا، وييسر لك الخير.
ثانيا: نشكر لك –ابنتنا الكريمة– حرصك على السؤال عما يلزمك فعله وما يلزمك اجتنابه، والحذر من الأخطاء والمخالفات لدينك، وهذه كلها مشاعر طيبة، ولكن نحذرك من أن يستغلها الشيطان ليعظم لك بعض الأوهام والظنون، ويتخذها مدخلا لمزيد من هذه الوساوس؛ فإن هذا هو السبب الأكبر الذي يعتمد عليه الشيطان للإكثار من الوسوسة، وهو تعظيم هذه المخالفات، وبيان أثرها على الدين والعقيدة، ومن ثم يحاول هذا الوسواس أن يعظم لك أمورا حقها أن تحقريها، وأن تعرضي عنها، وتتركيها.
فنصيحتنا لك: أن تتعاملي مع أمك معاملة طيبة، والأصل في ما تفعله أمك السلامة، والإنسان المسلم ينبغي إحسان الظن به ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، كما أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم} [الحجرات: 12]، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)، والظن هو الاحتمال، ولو كان احتمالا قويا، فعندما نقول: (تسعة وتسعين بالمائة) هذا لا يزال ظنا.
فينبغي أن نجتنب هذه الظنون، وإذا فعلت ذلك فإنك ستريحين نفسك تماما، فعاملي أمك معاملة عادية، وإذا رأيت حراما متيقنا –كوقوعها مثلا في غيبة بعض الناس أو نحو ذلك– فإذا كنت تقدرين على نصحها دون أن تقعي في إغضابها عليك؛ فهذا هو المطلوب منك، وإذا لم تقدري على ذلك، فحاولي الاستعانة بمن يسعى في نصحها وتذكيرها ووعظها، وإذا لم تقدري على هذا ولا ذاك، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، واحذري من الوقوع في عقوق أمك وإغضابها.
نحن نرى –أيتها البنت الكريمة– أن كثيرا من الأمور التي تزعجك، وتشتكين منها أن مثارها هو هذه الوساوس التي تعانين منها، وخير علاج ودواء لهذه الوساوس هو الإعراض عنها، وتحقير محتواها وموضوعها، فإذا حقرتها هانت عليك، وإذا تخلصت -بإذن الله تعالى- من هذه الوسوسة فإنه سيسهل عليك -بإذن الله- إصلاح ما ترينه من فساد في أحوالك وأحوال أمك.
نسأل الله تعالى لك التيسير، وأن يكتب لك الخير ويقدره لك، ويجري الخير على يديك.