السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد تعبت من أذية أهلي لي، تعبت جدا!
إن مرض أحد اتهموني بأني السبب، وإن تضايق أحد عند خروجه قالوا بأني السبب! يحملونني كل شيء، وليس هذا فقط، بل يظلمونني كثيرا، ويفترون علي، ويجعلون في ما ليس في، يؤذونني كثيرا، وقد سببوا لي المشاكل!
أمي تدعو علي وتقول لي: ليتني لم أحمل بك ولم أنجبك! وأن الناس أفضل مني، وأني بلا عقل، وأختي تحرضها علي أكثر. والله بأني قد ضحيت حتى بنفسي كي ترضى أمي عني، فعلت لها كل شيء، لكنها لم ترض ولم تخف الله في! فرقت بيني وبين إخوتي في التعامل، كانت تعطيهم أشياء ولا تعطيني، كانت دائما تقف في صفهم حتى لو معي الحق، تشتمني وتتهمني وتهددني بالدعاء علي، حتى في ديني طعنتني، وأني لا أهتم بربي، كانت دائما تزيد همي هما، لم تحبني، وكانت دائما تنكر ما أفعل!
والآن بسبب أفعالها إخوتي يتجاهلونني ولا يهتمون بي، كانت دائما تتهمني بالحسد، وأني أصبتهم بالعين، وأني دعوت عليهم، وهذا ليس بصحيح، دائما ما كانت تفسر نيتي خطأ!
أصبحت بسبب أفعالها أكرهها وأكره الجلوس معها بسبب أذيتها! كنت دائما ما أفكر بالموت، أشعر وكأنها تخنقني، والله إني حاولت وفعلت لها كل شيء، لكنها لم تهتم ولم ترض، وأصبحت وحيدة، لا أحد يهتم لأمري، ولا حتى يسألون عني، دمرت حياتي، وكل يوم أستيقظ في حزن وهم، ولكن والله إني أسكت وأصبر وأتحمل، لا أرد عليها، ويكفيني أن الله يعلم بحالي، لكني والله تعبت، وأريد أن أرتاح منهم جميعا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lujain حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي الوالدة وأفراد الأسرة إلى الحق والخير والصواب.
لا شك أن الوضع المذكور لا يخلو من الصعوبة، ونحن نؤكد أن الأمر ليس سهلا، ولكن نبشرك بأن العبرة في أن يرضي الإنسان ربه؛ ولأن بر الوالدين طاعة لله تبارك وتعالى، فالمهم أن تقومي بما عليك من الإحسان والمساعدة وبذل الكلام الطيب، وإذا قمت بما عليك من الإحسان وصبرت على ما تأتيك من الإساءة، فما يأتيك من الإساءة فأنت بأرفع المنازل، ورغم أننا لا نؤيد الوالدة في أفعالها التي تقوم بها والضيق الذي تسببه لك، إلا أننا نسأل أنفسنا جميعا سؤالا: إذا لم يصبر الواحد منا على والديه فعلى من يكون الصبر؟!
ثم إننا كنا نريد أن نرى دورا للأب، دورا للأخوال وللأعمام، للآخرين الذين حولكم في الأسرة، الخالات والعمات، ونتمنى أن تجدي منهم من يناصر ويساعد ويقف إلى جوارك، أما الوالدة فكوني دائما حريصة على فعل ما يرضي الله، فإنها وإن لم ترض إذا كانت أعمالك مرضية عند الله فأنت رابحة، والمتأمل لآيات البر يجد أن الله تبارك وتعالى بعد أن نظم حق الوالدين (وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، جاءت آية فيها عزاء لكل من قام بما عليه، ولم يجد ما يقابل ذلك من الإحسان، وهي قوله تعالى: (ربكم أعلم بما في نفوسكم، إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا)، قال العلماء هذا في حق من تقوم بما عليها كاملا ولا تجد المقابل، ولا تجد تقديرا، ولا تجد الاحترام، ولا تجد الاعتراف، فهذه مأجورة عند الله؛ لأن الله لا تخفى عليه خافية.
فهوني على نفسك، واستمري في القيام بما عليك، وحاولي أن توسعي علاقاتك مع العمات والخالات والأعمام والأخوال، الذين هم محارم بالنسبة لك، ونتمنى أن تجدي في هؤلاء أيضا من يتكلم مع الوالدة من أجل أن يحفظ لك الحقوق، ويعين الوالدة على فهم نمط شخصيتك، واجعلي علاقتك مع إخوانك أيضا جيدة، فإن أساؤوا فعلى أنفسهم وإن أحسنوا فلها، أما أنت يا من تواصلت مع هذا الموقع الشرعي أتمنى أن تكوني على ما أنت عليه من الخير والصبر والإحسان، والدعاء، وعليك بالتوجه إلى الله، والمواظبة على الصلوات، واشغلي نفسك بكل نافع ومفيد.
أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.