السؤال
السلام عليكم.
زوجة أخي لا تحبني، فعندما كنت ألتقي بها كانت تسلم علي بطريقة غير لبقة، وفي بعض المرات كنت أتكلم معها فلا ترد، وتتجاهل وجودي بدون سبب، وهذا الأمر أثر علينا كثيرا أنا وزوجي، وقد قمت بجميع المحاولات للتقرب منها بدون جدوى، لا أمل فيها، رغم جهود الجميع، ولديها علاقة طيبة بكل الناس، إلا أنا، رغم أنها من حملة القرآن.
منذ سنتين قررت عدم الخضوع لتجاهلها المؤلم، وأن أحفظ كرامتي وعزة نفسي، وابتعدت عنها؛ لأني فقدت الأمل فيها نهائيا.
أخوها يستمر في التواصل معها، فهل اعتزالي لأمر يؤلمني فيه ذنب؟ أو علي الاستمرار في الخضوع لتجاهلها لي، والشعور بالألم المتواصل مدى الحياة؟
أخوها يعلم كم عانيت، وهو موافق على هذا، فما وجهة نظر الدين في هذا الموضوع؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –أختنا الكريمة– في استشارات إسلام ويب.
أولا: نشكر لك تواصلك مع الموقع، وحرصك على تجنب الوقوع في مخالفة الدين والشرع، وهذا دليل على رجاحة عقلك، وحسن إسلامك، ونسأل الله أن يزيدك هدى وصلاحا واستقامة.
ثانيا: نشكر لك وصفك الجميل لأخت زوجك، وذكر ما فيها من المحاسن والصفات الجميلة، وهذا دليل على إنصافك، ونقول –أيتها الأخت الكريمة-:
ما دمت تتمتعين بهذه الصفات الطيبة، وهذا القدر من الاستيعاب، فننصحك بأن تستمري على ما أنت عليه من سعة الأفق بأن تكملي ذلك بالصبر الجميل، ومحاولة الإحسان إلى من يسيء إليك، فإن هذا الخلق لا يأتي إلا بالخير، ولا يثمر إلا الثمرات الطيبة، فإنه يقلب العدو صديقا، كما قال الله سبحانه وتعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34].
فإذا كان هذا مع الأعداء، فكيف مع من تربطنا بهم قرابات، فإنه وإن صدر منهم ما يسوء، لكنهم سيبقون قريبين من القلوب، وستبقى إمكانية حصول التواد والتعاطف والتراحم، ستبقى احتمالية حصول ذلك احتمالية كبيرة جدا، فلا ينبغي أن نقطع الأمل، وأن نحرم أنفسنا رحمة الاجتماع، وسعادة التآلف والتقارب بما يزينه لنا الشيطان من الحفاظ على العزة، أو الكرامة، أو الانتقام للنفس، أو غير ذلك؛ فإن النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يدعونا إلى التواضع، والتسامح، والصبر، والعفو عن المسيء، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة: (ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) كما قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فعفو الإنسان عمن أساء إليه هو سبيل العزة.
فنصيحتنا لك: ألا تتخذي هذا القرار لتلك البواعث، وحاولي أن تكوني سببا لتأليف القلوب وجمع الأسر، فإنك إن فعلت ذلك رفع الله تعالى قدرك، وأعلى شأنك، وسيجعل لك حبا في قلوب الآخرين، وهذا وعد الله سبحانه وتعالى لمن آمن وعمل صالحا، كما قال سبحانه: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} [مريم: 96]، كما أن (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، وإذا أحب الله تعالى إنسانا جعل له قبولا في الأرض ومحبة في قلوب الخلق.
فالاستمرار على التواصل مع هذه المرأة، والإحسان إليها لن يزيدك إلا خيرا، سواء في دنياك أو في آخرتك، ولن تندمي على سلوك هذا الطريق.
أما من حيث الإثم وعدم الإثم: فلا يجب عليك تجاهها إلا إذا التقيت بها أن تسلمي عليها، ولا يجوز لك هجرها الهجر التام، فهذا النوع من الهجران حرام، أما ما زاد على ذلك (أي السلام عند الملاقاة) فليس بينك وبينها رحم توجب عليك حقا زائدا على حقوق الإسلام العامة.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.