أم ابتليت بمرض ابنتها وصبرت

0 334

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أبعث لكم سؤالي هذا بعد أن أتممت معاناتي مع ابنتي المريضة طول عامين ونصف العام، لقد كنت حاملا بتوأم وكانت ابنتي أحد هذين التوأمين ولقد توفي الولد قبل العملية، ورزقت ابنتي عمرا، لكنها مرضت في عمر 5 أيام، وبقيت في المستشفى حتى الشهر السابع من عمرها وأمضيت أربعة منها معها، كنت سجينة تلك الجدران.

خرجت من المستشفى وبقيت على الأكسجين مدة عام، وسافرت بها إلى الأردن ودخلت هنالك المستشفى أيضا مدة شهر، وطوال هذه الفترة وحتى الآن مازلت أعاني من مرضها، فإطعامها صعب للغاية، أجلس النصف ساعة والساعة لإطعامها طبقا واحدا، جسدها مشدود للغاية، أشعر بالألم لأجد مني ذلك الاهتمام الشديد، الآلام التي وجدتها عند حملها هذا لا شيء بجانب استفراغها الذي لا ينتهي، لقد ذاب جلد يدي من الفرك والغسل، وأعيش في بيتي دون أي مساعد، ولقد رزقني ربي بطفلة بعدها لا تجد مني ذلك الاهتمام لأنه لا وقت لها.

أنا الآن عدو للطعام، إني في حالة من الهيجان العصبي إن صح التعبير؛ فبسبب ما تفعله أصبحت أراها كالكابوس المرعب، فلا طعم لشيء: فالطعام ينزل معدتي كالسم، وإذا خرجت في معظم الأوقات تتسبب لي بالحزن والهم، فلا فرحة معها، وعصبيتي لاحدود لها، فكل شيء فوق رأسي ولأجل ذلك فالبيت لا ينظف، ولا وقت لشيء، حتى لتلاوة القرآن، لا أعصب أمامها بل أصبح كالبركان وبعدها أدخل غرفتي وأضرب بنفسي في أثاث الغرفة.

أصبحت كالمجنونة وزوجي لا يشعر بي في هذا الموضوع فجوابه أني لست المرأة الوحيدة التي لها طفل مثل ابنتي، فهل أصبحت بحاجة لطبيب نفسي فقد قتلتني ابنتي وما زلت أتنفس؟

ساعدوني وفقكم الله رغم أني -والحمد لله- امرأة مؤمنة بقضاء ربي ولا أحب الشكوى خشية ذهاب الأجر ولكني أشكو يا رب يا رب يا رب يا رب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم رند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشفي ابنتك وأن يرزقك الصبر عليها وألا يحرمك الأجر والمثوبة.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن الشيء الغير طبيعي يكون مزعجا للإنسان، وأنه مع الأيام تخور قواه وتضعف همته، ويقل صبره، وهذا في عامة الناس، ولذلك جعل الله منازل الصابرين أعلى المنازل، ووعدهم وحدهم دون سواهم بأنهم يوفون أجورهم بغير حساب، وذلك لعظم البلاء وقلة الصابرين عليه.

كم أتمنى بل وأدعو الله لك أن لا يحرمك الصبر، حتى لا تحرمي هذا الأجر العظيم، خاصة وأنه لا سبيل أمامك إلا الصبر، فهذه المسكينة لا تدري عن معاناتك شيئا، بل هي أيضا تعاني، ولو سألتيها ونطقت لتمنت أن تكون مثل غيرها حبوبة محبوبة، لا تسبب أي إزعاج لك أو لغيرك، وهكذا يتمنى كل إنسان، ولكنها مثلك تماما لا حول لها ولا قوة، بل أنت المطالبة بالصبر والتضحية، لأنك الأم التي هي أرحم الخلق بولدها، ولذلك جعل الله الجنة تحت قدميك وأنت أما عادية، فما بالك وأنت الأم الصابرة المحتسبة التي تقدم ما تقدم وتلتمس الأجر والفضل من الله.

ثم من أدراك فلربما تكون هذه المسكينة هي السبب الوحيد في رضا الله عنك ودخولك الجنة، إنها حقيقة اختبار من الله لك أنت شخصيا ليرى الله مدى رضاك بقدره وصبرك وتحملك، ولعل الله قد أعد لك منزلة عالية عنده في الجنة لن تدركيها أو تبلغيها إلا بصبرك على هذا الابتلاء.

أنسيت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا) ألا تريدين أو تحبين أن يرضى الله عنك؟


أعتقد أنها فرصة ذهبية بالنسبة لك لا ينبغي عليك أن تضيعيها، وكلما أحسست بشيء من الضعف أو النفور فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ لأنه لعنه الله هو وحده الحريص على حرمانك من هذا الأجر حقدا وحسدا، إذ كيف يتركك تدخلين الجنة بهذه السهولة، لأبد أن يكدر صفوك وأن ينغص عليك حياتك وأن يثير أعصابك وأن يدفعك لتصرفات أو أقوال قد تحبط عملك -والعياذ بالله– .

أكثري كذلك من الاستغفار وعليك كذلك بالدعاء لأن دعاءك لها لا يرد، وأبشري بفرج من الله قريب.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات