السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل متزوج، عمري 27 سنة، ولاحظت أن حياتي اختلفت عما كانت عليه في السابق بدرجة كبيرة كاختلاف الليل والنهار.
كنت شخصا اجتماعيا وأحب مخالطة الناس، وساعات بقائي في المنزل تكاد تكون معدودة، وفيها أكون مع أهلي، وكنت من الطلاب المتفوقين في دراستي -ولله الحمد- وبعد زواجي بسنتين لاحظت أنني أصبحت لا أطيق الخروج من المنزل ولا الجلوس مع أهلي.
أحب أن أعتزل وأكون وحدي، ولا أزور أحدا، ولا أكلم أحدا وأنا أكمل دراستي، ولكن ليس لي خاطر بالمذاكرة ولا التعلم حتى ولو أنبني ضميري، لم أستطع أن أتقبل الدراسة، وأصبحت أصل لدرجة الرسوب لأول مرة في حياتي في بعض المواد الدراسية.
وبعد فترة من الزواج أصبحت لا أريد إقامة العلاقة الزوجية لفترات طويلة، ودائما ما أشعر بأنني مقصر في حق زوجتي، وأحاول أن لا أقصر معها في شيء ولكن بدون فائدة!
لاحظت أني أغضب على أي تصرف، وأبسط شيء تقوم به زوجتي، وأحيانا يكون غضبا شديدا، وعند ما أفكر في سبب غضبي أجد أنني أعطيت الموضوع أكبر من حجمه، وأصبحت أدرك ذلك ولا زلت أغضب.
والحمد لله أنني بالرغم من شدة غضبي لم أمد يدي عليها، وأحاول أن لا أقول شيئا يجرحها، وبصعوبة أستطيع أن أمسك لساني، والأهم من ذلك كله أصبحت مقصرا في عباداتي، وهذا أكثر ما يقلقني! ورغم أني أعلم أنني أصبحت لا أصلي بعض الصلوات إلا إنني أبكي وأدعو ربي كل يوم في فراشي بسبب تقصيري في العبادات، وأضبط المنبه لصلاة الفجر....
أصبحت لا أعلم ماذا أفعل أو لمن أشكو حالي، لغير الله؟! وأشعر بأنني تعبت من حياتي رغم محاولاتي الكثيرة لتغييرها.
أتمنى أن تكونوا وسيلة لمساعدتي لرضا ربي ورضا أهلي.
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك التواصل وحسن العرض للسؤال، ونبشرك بأن شفاء العي السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديك وييسر الهدى لك، وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن شعورك بالتقصير هو البداية الصحيحة للتصحيح، وأرجو أن تبدأ حياتك بتوبة لله نصوح على ما سلف من التقصير، ونبشرك بأن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وابدأ بالمحافظة على الصلاة فإنها مفتاح الرزق، مفتاح الخير، مفتاح الطمأنينة؛ فالصلاة أمان في الأرض كما قال صديق الأمة عليه من الله الرضوان، وهي من أهم الأمور بعد توحيد ربنا، إنما حظ المسلم من الإسلام بمقدار حظه من الصلاة، إن أهم أموركم عندي هي الصلاة كما كان يكتب الفاروق عمر للأمراء الذين يتولون إمارة الأمة في أمصار العالم الإسلامي في زمن الخلافة -رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم-.
عليه:
أولا: ندعوك إلى كثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيا: التوبة النصوح لله تبارك وتعالى.
ثالثا: تفادي الأسباب التي أوصلتك إلى هذا التردي، هل دخل صديق جديد؟ هل غيرت المكان؟ هل حصلت منك مخالفات؟ فإن للمعاصي شؤمها وثمارها المرة.
كذلك من المهم جدا أن تهيئ نفسك للمحافظة على الصلوات والطاعات، تعطي النفس حظها من الطعام، وحقها من الراحة، تحرص على أن تنام مبكرا، تتخذ الأسباب للاستيقاظ لصلاة الفجر؛ لأن الإنسان لا يجوز أن يتأخر في النوم ثم بعد ذلك يعجز، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل العشاء، ويكره الحديث بعدها، النوم قبل العشاء مظنة لتضييع العشاء، والحديث بعد العشاء إذا طال يتسبب في ضياع صلاة الفجر؛ لذلك نسأل الله أن يعينك على الخير، واجتهد دائما في حسن التعامل مع الزوجة وقدر صبرها عليك، واطلب مساعدتها، ونقترح عليك أيضا أن تجتهد في زيارة راق شرعي يقيم الرقية وفق قواعدها وضوابطها الشرعية.
وتعوذ بالله من شر الشيطان؛ فهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، إذا جاءك الغضب فعليك بالوصفة النبوية، تعوذ بالله من الشيطان واذكر الرحمن، اهجر المكان، أمسك اللسان، هدئ الجوارح، فإذا اشتد الغضب توضأ، وإذا اشتد صل (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) ما هو العلاج يا رب؟ (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)، واستمر في الحرص على المحافظة على الصلاة، بل كن حريصا على أن تصليها في جماعة؛ لأن وجود الإنسان في جماعة يجلب له النشاط عندما يجد كل من حوله ساجدا وراكعا لله -تبارك وتعالى-.
واطلب من الزوجة المساعدة، ونتمنى أن تتفهم الظرف الذي تمر به؛ فهي جزء من الحل، وكذلك أنت أيضا لا بد أن تدرك أن لها حقوقا، والإنسان حقيقة بعد الزواج يتغير، لكن ليس تغييرا يقعده عن الحياة، بل ينبغي عند ذلك أن يتخذ أصدقاء لهم زوجات ولهم أولاد، إذا جاء وقت العشاء انصرف الجميع إلى بيوتهم، أما إذا صادق المتزوج غيره فإنه قد يجد من يشجعه على السهر أو المبيت خارج المنزل، وكل ذلك لا يصلح مع إنسان متزوج ينبغي أن يتحمل المسؤوليات، لا مانع من أن تذكر ما عندك لإخوانك لتطلب مساعدتهم، وليس في هذا شكوى لغير الله، بل العظيم هو الذي أمرنا فقال: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
عليك أن تبحث عمن يعاونونك، واستعن بالله، وعليك أن تدرك أن مفاتيح الخير والتوفيق بيده وحده سبحانه وتعالى.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.