السؤال
أمي تكره زوجتي مع أنها -والله- لا تؤذيها؛ وبسبب ذلك تعاملني وأولادي بظلم مقارنة ببعض إخواني، كان أبي قديما يقف معي في بعض الحالات، ولكنه حديثا أصبح يوافقها الرأي دائما، ودائما يبرران معاملتهما لي بالتقصير مني، ولكني أشهد الله أني لا أقصر معهما، ومع أني أحس بالظلم بتعاملهما معي مقارنة بإخواني كل يوم، لكني دائما ألتزم السكوت في نقاشاتهما حتى لا أغضبهما.
لا يزورونني ببيتي مع أني أسكن معهم بنفس العمارة، وبشكل شبه دائم يعاملونني بقسوة وازدراء أمام إخواني وأخواتي الذين يفضلونهم وزوجاتهم وأزواجهم، ولكن ومع ذلك أحبهما وأحترمهما وأنفذ طلباتهما؛ لأن الله أمرني بذلك.
مؤخرا أصبحت أمي تطلب مني أمورا فيها تقليل من الكرامة أقدمها أو تقدمها زوجتي لإخواني الذين تفضلهم مثل: (قيام زوجتي بتنظيف أماكن خاصة ببيوت إخواني الآخرين المفضلين، والاعتذار منهم على أمور لم أفعلها، أو لم تفعلها زوجتي)، مع أنهم مقصرون معي وأنا الولد الأكبر، وعندما رفضت القيام بهذه الأمور وناقشتهما بالحسنى أصبحت هي وأبي يتهمونني بأمور أشهد الله بأنها ليست عندي مثل: غيرتي من إخواني، مع أن الله رزقني من فضله له -الحمد والشكر-، ثم حديثا وبسبب رفضي للقيام بهذه الأمور أصبحا يدعوان علي، والله المستعان.
سؤالي: هل أنا عاق عندما أرفض القيام بهذه الأمور؟ وهل دعاؤهم مستجاب؟ وماذا علي أن أفعل لكي يعدلوا عن ظلمهم، مع ضرورة الإشارة إلى أن عندي أخا تعامله بنفس الطريقة، وأيضا بسبب كرهها لزوجته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والإعانة على بر الوالدين والإحسان إليهما، فحق الوالدين عظيم، ولذلك قرن الله سبحانه وتعالى حقهما بحقه فقال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23]، وأمر بالإحسان إلى الوالدين مهما بلغت إساءتهما إلى الولد، فقال سبحانه: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15]، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن (الوالد أوسط أبواب الجنة)، يعني أفضل الأبواب الموصلة إلى الجنة.
فينبغي أن تحرص كل الحرص - أيها الحبيب - على رضا والديك، والإحسان إليهما ما استطعت إلى ذلك سبيلا، ولكن هذا لا يعني تضييع حقوق الآخرين، ومنهم الزوجة؛ فإن الزوجة لها حق، ولكل من الوالدين حق، (فأعط كل ذي حق حقه)، كما ورد بذلك الحديث النبوي الشريف.
ولكننا قدمنا الوصية بالوالدين والإحسان إليهما حتى لا تتساهل في هذا الحق العظيم، وحتى لا تنخدع في بعض الأحيان بما قد تضمره زوجتك من أساليب ربما كان مؤداها التقصير في حق الوالدين؛ فهذا يقع لبعض الناس، ونرجو الله تعالى ألا تكون أنت ولا زوجتك من هذا النوع، ولكن مع ذلك لابد من الحذر، فقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في أحاديث وإن كانت ضعيفة عند الترمذي وغيره، إذ أخبر عليه الصلاة والسلام أن من علامات فساد الزمان وقرب الساعة أن يطيع الرجل امرأته ويعق أمه، ويدني صديقه ويقصي أباه، فهذه الأمارات دالة على أن الزمن قد فسد وتغير أخلاق الناس فيه، وما ينبغي أن يكون عليهم حالهم، فلابد من الحذر من هذا.
وأما بخصوص ما ذكرته في السؤال من كون أمك تأمر زوجتك بأن تنظف بيوت إخوانك؛ فهذا لا يجب على الزوجة أن تفعل ذلك، ولا يجب عليك أن تأمرها أنت بذلك، بل لا يجوز أن تكلف هذه الزوجة القيام بهذه الأعمال بغير رضاها، فلكل واحد من هؤلاء الأقارب حق يجب أداؤه، والزوجة مأمورة بطاعة زوجها في المعروف، ولكن ليس مما يجب عليها أن تقوم بخدمة الآخرين.
فإذا غضبت أمك بسبب هذا، فيجب أن تسعى أنت لاسترضائها بالكلام الطيب اللين الجميل والاعتذار إليها بما يمكن أن تقبله من الأعذار، ومحاولة الإحسان إليها بالمادة، يعني: كإعطائها هدايا ونحو ذلك؛ تحصيلا لبرها؛ لأن برها من أجل الطاعات وأفضل الأعمال، ولكن لو قدر أنها لم ترض بذلك وأصرت على طلبها ودعت عليك أو على زوجتك لهذا السبب؛ فإن هذا الدعاء اعتداء، والله سبحانه وتعالى لا يقبل دعاء المعتدي، فقد قال سبحانه وتعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} [الأعراف: 55].
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير ويعينك عليه.