السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد استشارة أهل العلم في مسألة.
أنا فتاة بعمر 26 سنة، على قدر من الالتزام والعلم -الحمد لله-، عرفت رجلا شريفا صاحب خلق ودين، من أهل القرآن الكريم، وأعجبت به، وأرغب أن أكون زوجته، وأنا لا أعرفه معرفة قريبة، وليس لدي من يعرفه، لأنه يسكن في منطقة بعيدة، واشتهر بتميزه في مسابقات القرآن الكريم.
بحثت عن حكم عرض المرأة نفسها على رجل صالح بغية الزواج، ووجدت أنه أمر جائز ولا ينقص من كرامتها، بل من علامات صلاح المرأة اختيار الرجل الصالح لنفسها، وبدأت تراودني فكرة التعبير عن رغبتي بطريقة غير مباشرة، من خلال مراسلته عبر شخص مجهول، ولكني خائفة من عدة عوامل:
أولا: أنا لا أعرف عنه الكثير، كل ما أعرفه أنه من أهل القرآن والمساجد، ويظهر عليه الصلاح، لكن ليس لدي من يأتيني بالخبر اليقين، وبالمقابل أنا لا أريد أن يعلم أي أحد بهذا الأمر.
ثانيا: هو رجل متزوج، ولا أعلم رأيه في التعدد، وهل توافق زوجته على التعدد؟ فأنا لا أريد أن أتسبب في حزنها، أو في خراب العلاقة بينهما، ولا أدري هل يمكنني تحمل الغيرة، والعيش كزوجة ثانية؟
ثالثا: يعيش في مكان بعيد، وأهلي يرفضون تماما زواجي في مدينة أخرى، فأنا الوحيدة بين الذكور، ويجب أن أعولهم، وأكون سندهم عند الكبر والمرض، وأعلم أن بعدي عنهم سينهكهم، وإن ذهبت فسأذهب وهم غير راضين عني، ولا أدري كم سيكون البعد صعبا، وهل أستطيع تحمله أو لا؟ كما أنهم يرفضون فكرة خطبة المرأة للرجل، والتعدد.
حائرة، وأريد الزواج منه لأنه أعجبني، ولا أستطيع تحمل الوحدة، ومن جانب آخر أنا متخوفة كثيرا من رفض أهلي فكرة التعدد، أفيدوني هل أعرض نفسي عليه من باب الأخذ بالأسباب للزواج من رجل صالح، وكيف أتعامل مع كل ما ذكرته لكم؟ أم الأفضل هو ترك الفكرة نهائيا؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maria حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
لا شك أن حرصك على الزوج الصالح دليل على رجاحة عقلك وحسن إسلامك، ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يرزقك زوجا طيبا صالحا تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
وما لمسناه في استشارتك أن هذا التعلق هو تعلق من جهتك أنت وحدك، وأنه مجرد أمنية تتمنينها، ولكن قد يكون الأمر بخلاف ما تظنين، فلست على يقين من أن هذا الرجل يريد الزواج بزوجة أخرى، ولا أنه ممن يقدر على ذلك، ولهذا نصيحتنا لك أن تنصرفي عن هذه الأفكار، فما كل ما يتمناه المرء يدركه، وأنت الآن لا تزالين في أول الطريق من حيث التعلق بهذا الرجل، ويمكنك الآن التخلص من هذا التعلق بسهولة ويسر.
فنصيحتنا لك: أن تنصرفي تماما عن هذا التفكير، وذلك لأسباب عديدة، منها ما ذكرناه لك أنه غير مؤكد بأن هذا الرجل يريد الزواج بزوجة أخرى، وهل يقدر على ذلك أم لا؟، وهل سيرضى بمجرد عرضك عليه؟ ثم أنت لا تعرفين حقيقة حاله -فقد بدا لك ظاهره فقط، ولا تعلمين باطنه-، فهل هو ممن يناسبك أو لا يناسبك؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي قد لا تجدين لها جوابا.
كما أننا ننصحك بالتوجه نحو الأسباب الحقيقية التي تحققين بها ما ينفعك، من ذلك: التعرف إلى النساء الصالحات، والفتيات الطيبات لمساعدتك في البحث عن الزوج الصالح الطيب، وليس بالضرورة أن تتزوجي رجلا حافظا للقرآن الكريم عالما بالشريعة ونحو ذلك من الأوصاف، فيكفي أن تجدي رجلا مرضيا في خلقه ودينه، قادرا على القيام بحقوق الزوجة، وإن كان في بلدك فهو أفضل لتجمعي بين المصالح الأخرى التي ذكرتها في استشارتك.
فتعرفك إلى النساء والفتيات بلا شك سيكون بابا -بإذن الله تعالى- للوصول إلى المقصود، من ذلك الاستعانة بأقاربك الرجال الذين يحرصون على منفعتك وصلاحك، فمن استطعت منهم أن تلمحي له بإعانتك على تحقيق هذا المطلب والمقصود، فإن هذا من جملة الأسباب التي قد تكون نافعة -بإذن الله تعالى-.
وخير الأسباب وأنفعها: التوجه إلى الله سبحانه وتعالى والدعاء بصدق واضطراب، واللجوء إليه، والتضرع بين يديه، ليقدر لك الخير، ويقضي لك الحاجات.
ثم بعد هذا كله اعلمي أن ما يقدره الله تعالى لك هو الخير، وأنه قد يؤخر عنك شيئا لحكمة بالغة، فكوني مطمئنة، راضية بتصريف الله تعالى للأمور وتدبيره لها، فهو أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصالحك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.