السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من فائدة للمسلمين في نشر العلم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك سببا في رفعتكم في درجات الجنة.
أنا شاب، قد وفقني الله سبحانه وتعالى لطريق الاستقامة، بفضله وكرمه، والآن انتهيت من دراسة السنة التحضيرية الطبية، وبإمكاني الاختيار بين طب الأسنان والصيدلة، والطب البشري.
علاماتي تؤهلني لدراسة الصيدلة، وطب الأسنان في منطقة قريبة مني.
أما دراسة الطب البشري فيمكنني دراستها، لكن في منطقة أبعد قليلا.
أنا رغبتي في الطب البشري، وليس لي رغبة في طب الأسنان، ولا الصيدلة، ويشجعني على ذلك أيضا قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، وقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: ما أعلم شيئا بعد الحلال والحرام أنبل من الطب.
الآن بدأت نفسي تتلذذ بطلب العلم الشرعي، وأريد أن أتفرغ له قدر الإمكان، مع مراعاة أمور دنياي الضرورية التي لا استغناء عنها، ففكرت بأن أدرس طب الأسنان، أو الصيدلة، حتى أتفرغ بشكل أسرع لطلب العلم؛ لأن دراسة الطب البشري تحتاج على الأقل 12 سنة، وهذا هو سن الطلب، بينما الصيدلة وطب الأسنان خمس سنوات.
لا شك أن من أراد أن يسلك طريق ورثة الأنبياء لا بد له من الجهد، فأفكر الآن أن أترك ما أرغب فيه من أمور الدنيا، وهو الطب البشري، وأدرس طب الأسنان أو الصيدلة، حتى أستطيع أن أتفرغ لطلب العلم بشكل أكبر.
أنا أعلم أنه يمكنني أن أطلب العلم الشرعي مع دراستي في الجامعة، لكن لا أحد ينكر أن العلم الشرعي من أراد فيه العلا، فلا بد له من زمن بلا شك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل المتفوق الموهوب-، ونسأل الله أن يزيدك من فضله، وأن يكتب لك التوفيق والسداد والنجاح والفلاح، سعدنا بهذه الاستشارة التي تدل على رغبة في الخير، نسأل الله أن ينفع بك بلاده والعباد، ونحب أن نؤكد دائما لأبنائنا المتميزين في المجالات العلمية بضرورة أن يكملوا مشوارهم، لحاجة الأمة إلى متخصصين أفذاذ، خاصة المتخصص صاحب الدين، وأنت -ولله الحمد- ممن رزقه الله خيرا والتزاما.
نحن نريد لأمثالك أن يتقدموا، ونريد لأمثالك أن يسدوا هذه الثغرة حتى لا تحتاج الأمة لغيرهم، وحتى لا يحتاج الناس تحت رغبة الضغط والبحث عن الأخصائيين أن تكون المرأة أمام طبيب لا يخاف الله ولا يتقيه، فتقدم الأتقياء مطلب عزيز فيه الفائدة للنساء وفيه الفائدة للرجال.
نحن نريد أن تكمل في هذا المشوار، مشوار الطب البشري، وتقدم نموذجا لطبيب مسلم حريص على الخير، وتكمل الدراسة لتكون أستاذا جامعيا، بجانب المجال العملي، حتى تخرج أطباء وطبيبات ممن يخافون الله تبارك وتعالى، ويحملون نفس هذه الرغبة.
نحب أن نؤكد لك أن هناك أطباء أفذاذا يحفظون القرآن، وعندهم علم شرعي، خالد الجبير طبيب القلب، الدكتور محمد إسماعيل المقدم طبيب، عدد من الدعاة الكبار كانوا أطباء في مجالات مختلفة، ولهم أدوار وإسهامات كبيرة، سواء كان في الجانب الطبي، أو في الجانب الشرعي والتوجيهي للناس.
عليه أرجو أن لا تترك رغبتك الأولى، وهي دراسة الطب البشري، واعلم أن السنوات المذكورة هي قليلة في عمر الإنجازات للناس والعمل لأمثالك من الفضلاء؛ ولذلك نحب أن نقول: استمرارك في العمل الطبي خاصة بعد أن أشرت إلى عبارة الإمام الشافعي، وكلنا يعلم أن دراسة الطب مهمة، وإن كان من الفروض الكفائية فأحيانا ترتفع في حق أمثالك؛ لأن الفروض الكفائية أيضا لا بد أن توفر الأمة من يقوم بها، وهذا الذي نميل إليه، ورغبتك في طلب العلم الشرعي تستطيع أن تلبيها في كل الأحوال، ولا يضيرك أن تتأخر قليلا في هذا الميدان، واعلم أن العبرة ليست بكثرة الجلوس بين يدي العلماء، ولكن في العلم باب يفتحه الله تبارك وتعالى على الإنسان بإخلاصه وصدقه، فنسأل الله الذي فتح بصرنا أن يفتح بصائرنا، وأن يرزقنا الفهم، وأن يرزقنا حسن القصد وحسن الفهم، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والنجاح والسداد.
نتمنى أن نسمع بك طبيبا في الجانب البشري، وأنت مؤهل لذلك بإذن الله، وأيضا عالما ترشد الناس وترشد الأطباء، وترشد المرضى بالأمور الشرعية النافعة لهم، وأعتقد أنك توافقني أن هناك كثيرين يمكن أن يسدوا الجانب الشرعي من العلماء والفضلاء، خريجي الكليات الشرعية، وكليات الدعوة، والكليات المتخصصة وكليات أصول الدين، وغيرها، ولكن نحتاج إلى المزيد في جانب الطب، فالإنسان ينظر لحاجة أمته.
نسأل الله أن ينفع بكم بلاده والعباد.