السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أعيش مع أفراد من العائلة، يتدخلون في أموري الشخصية، ويتحدثون في الناس ويشتمون، وعند طلبي المال أو أي شيء من أبي يدفعني إلى القلق؛ بسبب رفضه المتواصل لطلباتي، وعدم اهتمامه بي، مع العلم أني أصبت بالقولون العصبي، وفكي خرج من مكانه بسبب القلق!
أرجو أن تنصحوني، كيف أتعامل مع عائلتي وأتمسك بديني بالابتعاد عن الشتم والتعصب؟ وأيضا عند صلاتي لا أستطيع الخشوع، بسبب صوتهم العالي والشتم؛ لأنني لا أملك غرفة خاصة، أرجو أيضا أن تنصحوني كيف أخشع في صلاتي مع إزعاج عائلتي؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nour حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –ابنتنا الكريمة– في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على دينك ويثبتك عليه.
ثانيا: ينبغي أن تعلمي –أيتها البنت الكريمة–، وتتذكري دائما أن دين الله سبحانه وتعالى يسر، وشريعة الله تعالى سمحة، وأن الله سبحانه وتعالى أنزل علينا القرآن، وشرع لنا شريعة الإسلام، لنسعد ونحيى حياة طيبة مطمئنة هادئة، لا لنشقى ونكد ونتعب، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} [طه: 1-2]، وقال سبحانه وتعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 97]، وقال: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28]، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالأصل أن الدين سبب للراحة والسعادة والطمأنينة والسكينة، ومن الخطأ أن يصير الإنسان دينه سببا لتعاسته، وضيق صدره، وشعوره بالشقاوة والضيق والتعب، وغير ذلك من الآفات النفسية، وإنما يصاب الإنسان بهذا حين لا يتعلم دينه على وجه صحيح، ويفهم شريعة ربه كما أراد الله تعالى له أن يفهمها.
ولهذا ننصحك أولا بأن تبذلي جهدك في تعلم دينك، وتعلم الدين أصبح أمرا ميسورا، فمواقع العلماء –ولله الحمد– كثيرة مملوءة بالعلوم النافعة.
ومن هذه الجوانب التي ينبغي أن تعرفيها -أيتها البنت الكريمة- كيفية التعامل مع المنكرات المنتشرة في الناس، سواء داخل الأسرة أو خارج الأسرة، وما هو دور الإنسان المسلم حينما يرى شيئا من هذه المنكرات، والأمور سهلة يسيرة، فأنت لا يكلفك الله سبحانه وتعالى إلا ما تقدرين عليه، كما قال سبحانه وتعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة: 286]، وقال: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} [الطلاق: 7]، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16].
فإذا فعل أهلك في البيت بعض المنكرات، مثل الغيبة في الناس أو نحو ذلك؛ فإذا كنت تقدرين على تذكيرهم بالله سبحانه وتعالى، وأن هذا يضرهم، وأنه معصية لله، وأنه بذلك تؤخذ حسناتهم وتذهب إلى هؤلاء الناس الذين يذكرونهم، فالإنسان حين يفعل ذلك يضر نفسه أولا؛ إذا استطعت أن تنصحيهم بالحسنى وقبلوا ذلك فالحمد لله، وإذا لم تقدري على ذلك، وقدرت على مفارقة ذلك المجلس دون أضرار تحصل لك، أو دون الوقوع في محرمات أكبر من ذلك –مثل عقوق الوالدين–، إذا استطعت أن تفارقي هذا المجلس بهذه الشروط، فالمطلوب أن تفارقيه إلى مكان أو إلى مجلس تتجنبين فيه الوقوع أو السماع لما حرم الله تعالى، فإذا لم تقدري على شيء من ذلك، فالله تعالى يعذرك، ولا داعي لكل هذا القلق، وأن تصابي بالآفات والأمراض البدنية بسبب الضيق.
أما عن طلبك النفقات من والدك، فينبغي لك أن تكوني محسنة للظن بوالدك، وأن تحاولي عذره ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وأن تلتمسي له الأعذار، وربما ظننت أنه يقدر ولا يقدر، وربما جهلت بعض الموانع التي تمنعه من أن يعطيك، أو نحو ذلك من الأسباب؛ فإذا فتحت على نفسك هذا الباب –وهو باب التماس الأعذار–، فإنك أيضا ستخففين على نفسك كثيرا من الأعباء.
وصلاتك؛ إذا صليت حاولي واجتهدي في أن تحضري قلبك وتتفكري في معاني الكلمات التي تقولينها، والأفعال التي تفعلينها في الصلاة، فاجتهدي بقدر ما تستطيعين، ولا يكلفك الله سبحانه وتعالى أكثر من ذلك.
وبهذا يتضح لك –أيتها البنت الكريمة– أن ممارستك لدينك وقيامك بما يرضي ربك أمر سهل يسير.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير.