لا أستطيع التأقلم والتفاهم مع زوجي، فما توجيهكم؟

0 46

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا شيخ: أريد أن أتكلم عن حياتي مع زوجي، أريد أن أعرف هل أنا على حق أم أني مخطئة؟ لا لشيء إلا لأصحح من تصرفاتي إن كانت خاطئة، وأريد أيضا أن يتم إنصافي.

أنا متزوجة منذ سنتين، وقبلها قضينا خمسة أشهر خطبة (كتب كتاب)، منذ الخطبة وأنا لم أكن مقتنعة ببعض تصرفاته، وبعد الزواج والعشرة وجدت أنني أبغض الكثير من تصرفاته وكلماته ونظراته، حتى وصلت لمرحلة أنني أبغضه ولا أحترمه، لا أدري إن كان هناك مجال للإصلاح، ولكنني لست قادرة على مجاهدة نفسي والبدء من جديد، وقد لا أجد نتيجة، وللعدل فهو جيد في كثير من الأمور، وتحسن في كثير منها منذ زواجنا، ولكنني أشعر أن كلينا غير راض عن الآخر، لدرجة جعلتني أفقد أعصابي طوال الوقت.

أنا غاضبة، وأبكي دائما، لدرجة أنني تمنعت عنه اليوم، وخرج غاضبا إلى عمله، تمنعت عنه؛ لأنه لا يعود باكرا للمنزل، ويقترب مني إما وأنا متعبة لأشد درجة، أو وأنا غافية لا أدري عن الحياة شيئا.

لدي الكثير لأقوله، وأريد أن يسمعني أحد بالتفصيل، ويخبرني بأنني على صواب، ولو على الأقل في موقف واحد في حياتي معه، أنا أكره حياتي معه، ولكني لست شجاعة لأبتعد! وقد وصل بي الحال لطلب الطلاق منذ أيام على موقف حدث، ورغم أنه اعتذر، وأرضاني، وأهداني ورودا لأرضى، لكن إلى الآن ما زالت صورته وصوته محفورين في قلبي، والحزن لا يذهب عني.

أرجوكم ساعدوني، أنا ضائعة، ولا أعرف ماذا أفعل، وعندما طلبته ليأخذني لطبيب نفسي لم يقبل أن يدفع كشفيته، رأيته بخيلا منذ الخطبة!

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليليان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا العرض الرائع لهذه الاستشارة، وقد أسعدنا أنك تريدين أن تصححي حياتك، وتصححي أفعالك، وهذا مدخل مهم، ويدل على أنك -ولله الحمد- عاقلة.

ونحب أن ننبه –ابنتنا– إلى أن الحياة الزوجية دائما تبدأ ببعض التوترات وبعض المشكلات، ذلك لأن الشاب جاء من بيئة مختلفة عن بيئة الفتاة، حتى ولو كان قريبا لها، فقد كان له نمط حياة يعيش فيه، وهي كانت لها طريقة تعيشها في بيت أهلها، والآن بعد الانتقال إلى وضع جديد في تحمل المسؤوليات تحصل مثل هذه الاحتكاكات.

وإذا كان الشاب له إيجابيات -وقد ذكرت بعضها-، فإنا نتمنى أن تضخمي الإيجابيات، وإذا ذكرك الشيطان بالسلبيات فتذكري أننا معاشر الرجال والنساء بشر، والنقص يطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

الذي نريده منك أن تدركي -ويدرك هذا الزوج- أننا نتعلم من خلال الحياة، وأننا بحاجة لنكتسب مهارات كثيرة، ينبغي للزوجة أن تتعرف على خصائص الرجل، وطرائق تفكيره، وطرائق اعتذاره، وعلى الرجل أيضا أن يتعلم صفات زوجته، والأمور التي تزعجها.

قولي لزوجك: (ماذا تحب فآتيه، وماذا تكره فأجتنبه)، وعليه أن يقول لك: (ماذا تحبين فآتيه، وماذا تكرهين فأجتنبه)؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يبني علاقة على أصولها وقواعدها، ينبغي أن يتجنب كل ما يزعج الشريك، ونحب أن نؤكد لك أن مثل هذه المواقف البسيطة المذكورة تحتاج إلى تصحيح، والذي يدعونا إلى أن نشجع صبرك هو أنك تقولين: (بدأ يتحسن، وأمور كثيرة تغيرت، وتقدم فيها)، وهذا مؤشر رائع جدا، وهذا هو الذي سيحدث -بإذن الله تبارك وتعالى- عندما تستمر هذه الحياة.

ونحن نؤكد أن من حقك أن تنزعجي إذا تأخر، ولكن فرقا كبيرا بين من تخاصم زوجها إذا تأخر، وبين من تقول: (اشتقنا إليك، تأخرت علينا)، فإن الثانية هذه تعرف الوصول إلى قلب زوجها، فالزوج يحتاج إلى تقدير واحترام، فإذا توفر له ذلك غمر زوجته بالحب والأمان.

ولا نؤيد مسألة الامتناع عنه إذا طلبك؛ لأن هذا له علاقة بالسعادة الزوجية، التي تبدأ بالنجاح من هذه العلاقة الخاصة، والتي ينبغي أن يمهد لها كل طرف من أجل أن ينجح فيها.

واعلمي أن المرأة ينبغي أن تؤدي ما عليها، إذا هو قصر فلا تقصري، نحن دائما نقول: الحياة الزوجية عبادة لرب البرية، الذي يحسن من الزوجين يجازيه الله، والذي يقصر يحاسبه الله تبارك وتعالى، فإذا قصر الزوج فلا تقصري، قومي بما عليك كاملا، وهذا هو الذي ينجيك عند الله تبارك وتعالى.

ثم أيضا نريد أن ننبه إلى ضرورة عدم إبقاء تراكمات في نفسك، في المواقف السلبية ينبغي أن تختاري وقتا مناسبا للحوار حولها، ودائما لا تعطي الشيطان فرصة؛ لأن هم الشيطان أن يخرب البيوت، وهي أكبر معصية يفرح بها إبليس، ويبعث ‌سراياه، فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول إبليس: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: (ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته)، فيدنيه منه فيلتزمه، ويقول: (نعم أنت)، أو يقول: (أنت أنت).

وأيضا نحن نلاحظ أن هذا الزوج يعتذر من الخطأ، بل يسترضيك، بل يقدم لك هدايا، وهذا كله دليل على أنه متمسك بك، ولأنكما -أنت وزوجك- في بداية الحياة بحاجة إلى كثير من الصبر، وكثير من الخبرات، وكثير من الفهم لهذه المشاكل، والتي هي فرصة للتعرف على الأشياء التي تضايق الشريك، وقد ألف الشيخ جاسم المطوع كتابا سماه (المشاكل الزوجية فوائدها وفن احتوائها)، فإن أي شجار يبين لكل طرف الأمور التي تضايق شريكه، إذا عرفها وتفاداها كانت السعادة، وكان التوفيق لهم جميعا.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات