السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في مطلع العشرينات من عمري، وقد أخطأت كثيرا، وتبت كثيرا، وأدعو الله أن يثبتني على دينه.
في الآونة الأخيرة لم أكن أداوم على الصلاة جيدا؛ وذلك بحكم أني نشأت في بيئة غير متدينة، وقد تعرفت على فتاة عن طريق الهاتف، أحببتها من أعماق قلبي، فتاة قمة في الأخلاق، والأدب، والعفة، وقد جعلتني أداوم على صلاتي، وأرشدتني إلى الطريق الصواب، وقد بدأت أصلي جيدا، وتوقفت عن فعل العديد من الأمور حبا فيها، وخوفا من الله عز وجل أن يحرمني إياها.
حتى أني في صلاتي عندما أسجد أستغفر الله من كل الذنوب التي قمت بها، وأبكي، وأدعو الله أن يجعل هذه الفتاة من نصيبي، ويرزقني حبها بحلاله، ولدي أمل كبير في الله، فهو القدير على كل شيء.
حتى أني طلبت رقم أهل الفتاة، وأخبرت والدتي بأن تطلبها لي، وبالفعل قامت أمي بذلك، ولكن لدي خوف شديد بأن لا تكون الفتاة من نصيبي؛ خوفا من أن يكون عقابا على ما بدر مني في الآونة الأخيرة تجاه ربي وديني، لكني أستغفر ربي دائما، وأطمئن قلبي بقول: إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وهو الغفور الرحيم.
فهل من المتوقع أن تكون الفتاة من نصيبي؟ مع العلم أني والله أخاف ربي فيها، ولا أجرؤ حتى بالتفكير بها بطريقة غير سليمة خوفا من الله عز وجل أن يحرمني إياها، ودائما ما أستعيذ بالله من الشيطان، ومن أن يوسوس لي، فإني -ورب الكعبة- أحببتها حبا نقيا طاهرا، وأرغب بها بالحلال، فهل نيتي سليمة؟ وهل سيكتبها الله لي؟
ساعدوني أرجوكم، وادعوا بأن تكون من نصيبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبيدة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نحن سعداء بتواصلك معنا، ونهنئك بما من الله تعالى به عليك من التوبة والرجوع إليه، واستغفاره سبحانه وتعالى، وقد أصبت -أيها الحبيب- حين أدركت واعتقدت أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم، وأنه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها، فقد قال سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
كما أصبت أيضا -أيها الحبيب- حين أدركت بأن دعاء الله سبحانه وتعالى من أهم الأسباب التي يصل بها الإنسان إلى محبوباته ومرغوباته، ولذلك نحن ننصحك بأن تثبت على هذه التوبة، وأن تعتني وتهتم بأداء فرائض الله سبحانه وتعالى عليك، وأن تهتم بدعائه سبحانه وتعالى بأن يرزقك الزوجة الصالحة، وأن يزوجك بهذه الفتاة ما دمت تحبها، وهي بالوصف الذي ذكرته من التدين والحرص على هدايتك واستقامتك.
ومع ذلك لابد من الأخذ بالأسباب -أيها الحبيب- من التقدم لخطبة هذه الفتاة، وأحسن ظنك بالله أنه سيقدر لك الخير، وسيختار لك ما هو الأصلح لك، فهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالحك، ومع هذا العلم هو رحيم بك لطيف، يقدر لك الخير ويسوقه إليك من حيث لا تدري، فقد قال سبحانه: {الله لطيف بعباده}، واللطف معناه إيصال الخير بالطرق الخفية، وقد قال سبحانه: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فكن حريصا على الوصول إلى ما تراه نافعا لك، ولكن كن أيضا في نفس الوقت معتقدا أن الله سبحانه وتعالى سيقدر لك ما هو خير لك وأصلح وأنفع، فإذا علم الله أن الخير في أن تتزوج هذه الفتاة فإنه سييسره لك بعد أخذك بالأسباب، وإذا علم الله خلاف ذلك، وصرف عنك هذه الفتاة فهو الخير.
ودورك أنت أن تحرص على ما ينفعك، فما دمت مقتنعا بأن هذه الفتاة تصلح لك، وقد تعلق قلبك بها، وأحببتها، فامض في هذا الطريق، وخذ بالأسباب المشروعة، وتقدم لخطبتها، وخذ بأسباب التزوج والزواج، وأعد نفسك له بقدر استطاعتك، والجأ إلى ربك أن يعينك على ذلك وييسر لك، وستصل -بإذن الله تعالى- إلى المقدور المحبوب.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.