السؤال
السلام عليكم
حصل معي مؤخرا أنه تقدم لي شاب من العائلة وهو مقرب لي، وأيضا عائلته على علاقة جيدة جدا مع عائلتي، عندما تقدم تكلم معي شخصيا مع معرفة الأهل، لكن لم يكلم أهلي بسبب عدم جاهزيته حسب قوله، رغم أنني قلت له مرارا وتكرارا: نحن لا نكترث للماديات، وأنت أعلم بذلك، أهم شيء عندنا هو كرم الأخلاق والدين، لكن لم يقتنع.
أعطاني خاتما من الذهب عندما قابلته في تركيا بمعرفة أخي وأمي، حصل هذا الكلام شهر 11 (2022) وهو من حين لآخر يكلمني ضمن حدود الأدب والرسمية، ولكن ليس لديه أي خطط مستقبلية واقعية، فهو لا يعمل أيضا، لكنه يبحث، عنده مخاوف أن أرتبط بأحد غيره، وأنا من حين لآخر يتقدم لي أحد، ووقعت في حيرة شديدة، وبكيت كثيرا لا أدري أين أنا الآن من هذه العلاقة.
بعض الأحيان أغضب كثيرا، وأقول له: هذا الخاتم لا يعني لي شيئا، بما أنك لم تتكلم مع أهلي للآن، أو تكلف نفسك وتأتي إلى قطر لعمل الواجب على الأصول.
من ناحية التهذيب هو شخص مهذب، لكنه ضائع جدا، وتعذبت معه كثيرا، يتكلم كثيرا عن رغباته المهنية، لكن لا شيء على أرض الواقع حتى الآن، ومن جديد أخبرته رسميا أنني لا أرغب بالارتباط به، فأنا تعبت وما يحصل معنا هو عدم توفيق، ويجب أن نفهم ذلك، غضب كثيرا، وقال لي إنني سأندم، حظرني على كافة وسائل التواصل، بقي لدي إيميله الشخصي، أرسلت له: لن أسامحك على ما فعلته بي، حسبي الله ونعم الوكيل فيك.
يحاول أن ينتقم ويرتبط بابنة خالتنا الثانية من أفراد العائلة، هل أخطأت عندما أرسلت هذا الكلام له و أخبرته أني لن أسامحه؟ موجوعة وقلبي فيه ما فيه من الألم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Tala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تطمئن إليه نفسك وتقر به عينك.
ونحن نرى –ابنتنا الكريمة– أنك قد أخذت بالأسباب الشرعية الممكنة، بحيث أنه مهما قدر عليك بعد ذلك لا ترجعين أبدا على نفسك باللوم والعتاب؛ لأنك لم تقصري في شيء، ولا أهلك قد قصروا أيضا، وإنما يرجع الإنسان على نفسه بالمعاتبة واللوم والشعور بالندم حينما يقصر في أخذ شيء من الأسباب.
أما أنت فقد بذلت ما بوسعك وفعلت كل ما يمكنك أن تفعليه، فقد أعلمتم هذا الشاب بأنه لا ينبغي له أن يتردد للأسباب المادية، وأخبرتموه برغبتكم فيه، وكل هذا كاف لو كان الله سبحانه وتعالى قد قدر لك الارتباط به والزواج منه، ولكن أهم ما ينبغي أن تتمسكي به لتطردي عن نفسك أي قلق أو هم أو حزن هو أن تعلمي علما جازما، وتتيقني يقينا لا شك فيه؛ أن كل شيء قد كتبه الله تعالى قبل أن نخلق، وأنه قد قدر عليك قبل أن توجدي على هذه الأرض، قدر عليك بمن يكون زواجك وكيف يكون.
فإذا آمنت هذا الإيمان فإنك بذلك تستريحين وتعيشين حياة هادئة راضية مطمئنة، فقد قال الله تعالى في سورة الحديد: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} [الحديد: 22-23]، فحتى لا يحزن الإنسان على شيء فاته ينبغي أن يؤمن بأن كل شيء بقضاء وقدر، وأن الشيء الذي فاته لا يمكن أن يحصل عليه؛ لأن الله تعالى قد قدر أنه لا يحصل عليه؛ وبهذا يستريح الإنسان المؤمن، فالإيمان بالقضاء والقدر جنة الله تعالى العاجلة في هذه الدنيا.
ثم نعود مرة أخرى إلى تحليل هذه الشخصية التي كنت تحرصين على الارتباط بها، وهذا التحليل أيضا يورثك الكثير من الاطمئنان والانشراح والسرور والرضا وليس العكس، فالشخص الذي لا يحمل هم القيام على الأسرة والاكتساب والنفقة وبناء حياته الأسرية بناء صحيحا؛ من المتوقع أن تكون الحياة معه غير مستقرة، وأهلك مهما أعانوك وساعدوك فإن هذا العون والدعم لا يمكن أن يستمر طوال العمر، فإذا صرف الله تعالى عنك هذا الشاب قد يكون فيه خير لك وأنت لا تشعرين، فما يدريك أن الارتباط به هو القرار الصحيح؛ فقد قال الله في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].
وننصحك بالاستمرار على هذا، وأنه إذا تقدم لك شخص آخر ترينه مناسبا لك، ننصحك بالإقدام على قبوله والزواج منه، وعدم تضييع الفرص الممكنة، ومع هذا وذاك كوني متيقنة أن الله سبحانه وتعالى يختار لك الخير ويقدر لك الأفضل، وأن مستقبلك بإذن الله تعالى أفضل مما أنت عليه، فأحسني ظنك بالله، فإن حسن الظن بالله سبب لجلب الأرزاق، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).
نصيحتنا أن تنصرفي عن مراسلته وتتركيه، فإنه لا منفعة لك فيه، وينبغي للإنسان أن يحرص على الشيء النافع، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).
نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.