أمي لا تحبني وتدعو علي، فكيف أكسب رضاها؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أبلغ 16 من العمر، وأعتبر الأخت الصغرى بين أخواتي، لدي اكتئاب حاد مستمر، دام أكثر من سنة، والسبب هو أن أمي لا تحبني، ودائما تؤذيني نفسيا، وتقول لي كلاما قاسيا جدا، حتى أنها تدعو علي بالموت، وكلما أقترف خطأ صغيرا تقول أنا أكرهك كالشيطان! هذا جعلني أشعر بالتوتر والقلق والخوف الدائم من المستقبل، وخاصة أن أمي تحب أخواتي أكثر مني، وتفضلهم عني، حتى أنني أصبت بالإرهاق الدائم، ونقص الوزن، وقلة النوم، وأحيانا تعنفني جسديا، وتضربني ضربا قاسيا، حتى أصبحت لا أتكلم معها، وأبقى لعدة أيام وأنا أحمل الغل في قلبي!

حاولت أن أغير من طبيعتي؛ لأنني في الواقع أتحسس من كلامها جدا، وأبقى غاضبة، لكن هي لم تسمح لي بذلك، في كل مرة تؤذيني أكثر وأكثر، ماذا أفعل رجاء؟!

والله العلي العظيم دعوت على نفسي بالموت، وفكرت كثيرا بالانتحار، لدي ضيق في صدري لا يعلمه إلا الله، أرجوكم انصحوني، عندما تؤذيني أمي كيف أتصرف؟ وكيف أستطيع كسب محبتها ورضاها تجاهي؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي والدتك لأحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.

نتمنى بداية أن تجدي من الوالد ومن الأخوات من يعينك على الصبر، ومن يدعو الوالدة إلى حسن التعامل معك.

ثانيا: ندعوك إلى تجنب الأمور التي تغضب الوالدة وتجلب التوترات في العلاقة التي بينك وبينها، وأرجو أن تعلمي الأمور التي ترضي الوالدة فتحرصي عليها؛ لأن بر الوالدين من العبادات العظيمة، ولا شك أن كل فتاة تعرف الأمور التي تزعج والدتها والأمور التي ترضيها، بل أنت تعرفين كيف استطاعت الأخوات الأخريات أن يصلن إلى قلب الوالدة، وأعتقد أن السبب في ذلك سيكون الأساس فيه أنهن يفعلن ما يرضي الوالدة.

إذا كانت الوالدة لها طلبات ولها صفات معينة ولها أمور تحبها فعليك أن تقومي بما عليك، واعلمي أن البر عبادة لله -تبارك وتعالى- ولو أنك أحسنت وقمت بما عليك على الوجه الأتم، ومع ذلك غضبت الوالدة أو أساءت إليك الوالدة أو دعت عليك الوالدة؛ فإن ذلك لا يضرك؛ لأن البر عبادة لله تبارك وتعالى، والإنسان إذا قام بما عليه ابنا كان أو بنتا بدوره بإكرام الوالدين وبالإحسان إليهما بواجباتهما ومع ذلك لم يرض الوالد أو لم ترض الوالدة، فإن الله يقول: (ربكم أعلم بما في نفوسكم). من البر والرغبة في الخير والحب للوالد أو الوالدة (إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا) لذلك عندما نتذكر أن البر عبادة لله، وأن الجزاء على البر من الله، وأن العقوبة على التقصير أيضا من الله -تبارك وتعالى- عند ذلك سيكون همنا إرضاء الله.

فاجعلي همك أن ترضي الله، ومما يرضي الله الإحسان للوالدة، واعلمي أن الصبر على أذى الوالدة هذا لون من البر لها؛ ولذلك أرجو أن لا تتوتري وتغضبي أو تحاولي الانتحار، هذه جريمة الجرائم، أو تكرهي نفسك أو تحملي الغل إذا علمت أنك مأجورة، فإذا ظلمت الوالدة فلك حسنات؛ ولذلك أرجو أن تتذكري الثواب؛ فإن الإنسان إذا تذكر الثواب الذي أعده الله لمن يصبر على والديه فإنه سينسى الآلام، سينسى الصعوبات، ومرة أخرى ندعوك إلى طلب المساعدة من الخالات ومن الأخوال ومن الوالد ومن الإخوة والأخوات داخل البيت، مع الاجتهاد فيما يرضي الوالدة.

وأنت بلا شك تعرفين الأسباب التي تجعل الوالدة غاضبة منك، والمواقف التي يحدث بعدها توترات، وإذا تفادى الإنسان أسباب المشكلات قلت المشكلات بلا شك، ولا ننصح بمجادلة الوالدة، ولكن ينبغي أن تعامليها بلطف -يا أمي- وحتى لو كانت الوالدة مخطئة، فإن الإنسان في تغيير المنكر مع الوالدين يقول: يا أبت، يا أبت، يا أمي، يا أمي، بهذا اللطف، واحرصي دائما على أن تفعلي الأمور الصحيحة التي ترضي الله، ثم تلك التي ترضي الوالدة، وإذا أمرت الوالدة بشيء فأرجو أن تسارعي، إلا إذا كان معصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى.

وأخيرا: لا نحب أن تضيقي على نفسك مع هذا الضيق، ولكن اعلمي أن هذا ابتلاء، وأنك مأجورة على الصبر، وأن عليك أن تقومي بما عليك، وهذا هو الذي تسألين عنه بين يدي الله، وبعد ذلك إذا أحسنت الوالدة فلنفسها، وإن قصرت في حقك فسيسألها الله، فلا تقصري أنت في برها حتى لو قصرت في التعامل معك.

نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع.

مواد ذات صلة

الاستشارات