تعاركت مع من آذاني ثم اعتذرت منه فلم يقبل، فهل أخطأت بذلك؟

0 2

السؤال

السلام عليكم.

حدثت معي حادثة، وهي أن بعض أصحاب المحلات في الشارع الذي أسكن فيه يقومون بمضايقتي، سواء بهمز أو لمز، أو نظرات تجعل الإنسان في أقصى مراحل الغضب، وأقوم دائما بحبس غضبي، واحتساب ذلك عند ربي.

ولكن آخر موقف لم أتمالك نفسي، وتحدثت بغضب، ثم ضربت هذا الشخص ضربة بسيطة على فمه، فما كان منه إلا أن سكب كوب قهوة ساخن على وجهي، ثم قام بضربي، وسب أمي، فقمت بضربه بسوط عندي، وبعد انتهاء المشكلة شعرت بندم شديد لأنني آذيته، وذهبت لكي أعتذر منه، فما كان منه إلا أنه قام بضربي، وسكب كوب القهوة على وجهي، ولكنني اعتذرت منه بعد نصف ساعة خوفا من غضب الله، ولكنه لم يعتذر، بل توعدني، بل ظن أني خائف منه!

فهل ارتكبت خطأ حين دافعت عن نفسي، ورددت الإساءة؟ وكيف أكفر عن ذنبي؟ ولو قام بالاعتداء مرة أخرى فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يكف عنك شر كل ذي شر، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

أرجو أن تعلم أن الأذى من الناس لا يتوقف، وأذى الناس لم يسلم منه الأنبياء، بل لم يسلم منه رب الناس سبحانه وتعالى، ولذلك الإنسان لابد أن يدرب نفسه على الاحتمال والتغافل، وإهمال ما يصدر عنهم؛ لأن هذا باب عظيم في النجاح، أن يتغافل الإنسان عما يصدر من الناس، فلا تهتم بنظراتهم أو بكلماتهم، وامش على هذه الأرض مطيعا لله تبارك وتعالى، واثقا من نفسك؛ لأن الثقة فرع عن الثقة في الله والإيمان بالله تبارك وتعالى.

ولا ننصحك أبدا بالذهاب إلى الأماكن التي فيها مشاكل، لأن هذا ليس في مصلحتك، ودائما الإنسان يتفادى ما يسبب له الأذى، أو يتفادى ما يسبب لغيره الأذى.

أما هذا الموقف الذي حصل فلا شيء عليك فيه؛ لأنك ضارب ومضروب، وكل إنسان أخذ بحقه، وقد أحسنت بمبادرتك بالاعتذار، وكسبت الأجر، وربحت الثواب عند الله؛ لأن النبي ﷺ يقول: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، فإذا كان هذا الشخص لم يقبل الاعتذار فهذا أمر راجع إليه، لكنك عملت بالصواب، وقمت بما عليك، ولا شيء عليك من الناحية الشرعية، بل الخوف عليه، هو الذي رفض الاعتذار، وأصر على الشر والسوء.

ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، ولا نؤيد حقيقة فكرة تصعيد المشكلات مع أي إنسان، وإذا كنت تشعر بظلم أو بعدوان، فهنالك جهات رسمية توفر الحماية للإنسان؛ لأنه ليس في شريعة الله، ولا في القانون أن يأخذ الإنسان حقه بيده، ونحمد الله أن المسألة انتهت في أقل صورها؛ لأن هذا قد يجلب لك أو له الأذى، لذلك فالإنسان يتجنب مثل هذه الأمور، وإذا تعرض لظلم فهنالك جهات تنصف الإنسان، ويستطيع أن يقدم الشكوى، ولكن الأفضل من ذلك أن يتحاشى المشاكل من أصلها، وأن يبتعد عن الأماكن التي فيها مشكلات، أو فيها احتكاكات، أو فيها أمثال هؤلاء الجهلة الذين يتنمرون على الناس، ويبادرون بالعدوان عليهم.

وأيضا أتمنى أن تكون دائما ردات الفعل منك معقولة؛ فإذا نظر إليك فانظر إليه، ونحن لا نريد المسألة أن تأخذ أكبر من حجمها، ولا يضرك نظرهم، وحتى الهمز واللمز، وما يفعلونه، فهذه حسنات تأتيك من حسناتهم، ويأخذون من سيئاتك.

فنسأل الله أن يعينك على الخير، ونتمنى تهدئة الأمور، وأيضا الحرص على تجنب المشاكل من أصلها؛ لأن هذا ليس مطلبا، بل فيه خطورة على الإنسان، والتقيد بالضوابط والقوانين الرسمية فيه حماية للإنسان، ودائما لا تبادر بالعدوان على أحد، وأعتقد أن السكوت عن الجاهل، وإهماله، والتغافل عنه هو أكبر علاج، فقد مدح الله الأخيار فقال: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان: 63].

فنسأل الله أن يعينك على تجاوز الجهل، والجهال، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات