عمي وزوجته يقاطعوننا..فكيف نصلهما؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هناك قطيعة في صلة الرحم بيني وبين عمي وزوجته، على الرغم من أننا حاولنا أن نصلها مرة أخرى، لكن عمي لا يلقي علي السلام، وسبني أنا وأختي هو وزوجته بدون أي سبب لكي يفتعلوا المشاكل في البيت، كانت زوجة عمي قبل المشاكل عندما تجلس معنا تطعن في عرض أمها، وتنم، وتتحدث في سيرة الناس وتطعن فيهم، وعندما تذهب من عندنا وتجلس مع أحد آخر، تطعن فينا!

هي تعيش معنا في بيت العائلة، وكنا إذا صعدنا السلم وباب شقتها مفتوح، تقوم بغلق الباب بقوة لتفزعنا ونحن على السلم، عمي حينما يجدنا نقف مع أبي، يسلم على أبي، ولا يلقي علينا السلام.

زوجة عمي طعنت فينا، وشتمت عرضنا، ونحن أنا وأختي نخاف الله ونقيم الصلاة، وحافظتان لكتاب الله، ولا نرد عليها الإساءة، وعلى الرغم من أننا أكبر منها في السن، لكنها تسب أمي، وهي أكبر منها بـ35 عاما، كما قالت عن نفسها وعن أمها أنهما يمارسان السحر، ويذهبان إلى الدجالين لكي يؤذوا جيرانهم.

حتى ابنة عمي الصغيرة تغلق الباب في وجهنا ونحن على السلم بدون أي سبب، على الرغم من أننا كنا نحبها ونحملها، ونلعب معها لأنها صغيرة، قبل أن تبدأ أمها وعمي في القطيعة والإساءة إلينا.

عمي الأصغر بين إخوته، وأبي أكبر منه بـ15 عاما، جمع عمي الكبير أمي وزوجة عمي هذه، ووافقت أمي على الصلح، لكنها لم توافق هي وزوجها، عمي لا يتكلم معنا ولا يقول حتى لنفسه إنهم أبناء أخي.

هل يجوز قطع الصلة معهم في تلك الحالة؟ يعلم الله أنني في داخل نفسي أخاف الله بسبب ذلك الموضوع حتى لا يكون الله غاضبا علي، ويعلم الله أنني كنت أعتبرها أختا لي وابنتها أيضا أختي، لكنها من كانت تسحر لنا وتسب عرضنا، وعرض أمها التي أنجبتها.

كنا نتجنبها بسبب أنها تتحدث عن أمها بهذا السوء، وهي من قاطعتنا هي وعمي دون أي سبب، أو حتى أن نسيء لهم بكلمة.

أرجو منكم الرد على سؤالي؛ فضميري ونفسي تخاف الله أن يكون غضبانا علي، أقسم أنني لم أتحدث عنها، وهي من جلبت القطيعة وجعلت عمي يكرهنا، ولا يطيق النظر إلينا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر صلة الأرحام؛ فمن أجلها بعث رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه-، وقد سأله رجل: (وبأي شيء أرسلك؟)، فقال: (أرسلني ‌بصلة ‌الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء) [صحيح مسلم].

صلة الأرحام من واجبات هذه الشريعة الغراء التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها، وعلى الإنسان أن يسعى في الإصلاح، وهو مأجور بنص القرآن، قال الله تبارك وتعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما} [النساء: 114]، فأنت مأجورة، وكل من يسعى في الإصلاح مأجور، والقطعية لا تحل لمسلم، فقد قال النبي ﷺ: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، ‌وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).

لذلك ندعوك إلى أن تكرري المحاولات؛ لأننا لا نريد لهذه القطيعة أن تستمر، ويكفي في إيقاف هذه المعصية (قطيعة الرحم)، أن يكون بينكم سلام وإفشاء للسلام وإن لم يردوا، واستحضروا عند ذلك قوله ﷺ: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، وإذا رأيتم العم أو رأيتم زوجته فلا تترددوا في إلقاء السلام عليهم، سواء ردوا عليكم السلام أو لم يردوا.

ولا تتوقفوا كثيرا أمام الأمور الصغيرة التي تحدث ويضخمها الشيطان، كأن يغلقوا الباب في وجوهكم، أو ينظروا إليكم نظرات لا تعجبكم؛ هذه كلها أمور من الشيطان يضخمها عند الإنسان؛ لأنه لا يريد لنا الخير؛ ولأنه يريد أن ينزغ بينكم، ويريد أن يضع البغضاء والعداوة بين الأرحام، وقد قال الله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا} [الإسراء: 53]، وقال تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر: 6].

ولذلك أرجو أن تستمروا في الدعاء لأنفسكم ولهم، وتكرروا المحاولات، فإن حصل صلح فاجعلوا العلاقة علاقة سطحية؛ لأن الإنسان الذي يأتي منه الشر والذي يتكلم عن الناس بالشر؛ حتى لو حصل الإصلاح ينبغي أن تكون العلاقة سطحية، بمعنى أننا نسأل عنهم، إذا قابلناهم نسلم عليهم، نزورهم زيارة خفيفة إذا مرضوا، نسلم عليهم في المناسبات، وحتى نرسل لهم رسائل، نبارك لهم في العيد ونحو ذلك، وبهذا يخرج الإنسان من قطيعة الرحم؛ لأن الشخص الذي يتأذى من إنسان يؤذيه ليس مطالبا بأن يجلس عنده صباحا ومساء؛ لأنه كلما طالت فرصة الجلوس مع أمثال هؤلاء تزداد الأمور سوءا، وبالتالي حتى لو حصلت زيارة ينبغي أن تكون خفيفة.

وعليكم أيضا أن تستفيدوا من المناسبات بالسلام والتحية والسؤال، وأيضا من المهم جدا أن نحرص على أن نبحث من يمكن أن يؤثر ويسعى في الإصلاح؛ لأن هناك من الناس من يمكن أن يستمع إليه، مثل إمام المسجد، الداعية الذي يحبه هذا العم، إنسان كبير وقور، ممن يعرف القطيعة هذه، يذكر الجميع، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

صلة الرحم لا تدوم إلا بنسيان المرارات، والصبر على الجراحات، والله تعالى يقول: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34].

ومهما كان الأذى الذي يأتينا من الأرحام، إلا أننا ينبغي أن نتذكر أنه لا يوجد على وجه الدنيا هذه من أوذي من أرحامه كالأنبياء، ماذا فعل إخوة يوسف بيوسف؟! فلما تمكن ورفعه الله واعتذروا إليه قال: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف: 92]، يعني: لا لوم، ولا عتاب، ولا مؤاخذة.

والنبي ﷺ ناله الأذى من أرحامه، ولكن هو الذي قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، ثم ردد عبارة يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}، والأنبياء قالوا لقومهم: {وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون} [إبراهيم: 12].

إذا: الصبر على أذى الأرحام هو منهج الأنبياء، والذي يريد الجنة لا بد أن يصبر، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، واستمروا في المحاولات، والتوجه إلى رب الأرض والسماوات، وقوموا بما عليكم وإن قصروا، يعني: إذا لم يلقوا السلام فسلموا أنتم، وإذا لم يبادروا فبادروا أنتم، وإذا لم يحاولوا فحاولوا، ومع ذلك اجتهدوا دائما في أن تكثروا من الدعاء لأنفسكم ولهم، فإن قلوب الناس جميعا بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، ونسأل الله أن يعينكم على إصلاح ذات البين، ونبشركم بأن من يحاول أن يخرج من الحرج الشرعي فإنه مأجور، والحرج على الذي يرفض ويعاند.

أسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم، وأن يصلح ذات بينكم، وأن يصرف عنكم كيد الشيطان.

مواد ذات صلة

الاستشارات