السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعتقد أن مشكلتي نفسية بالدرجة الأولى، وهي أني أعاني من الانطوائية منذ صغري، كان والدي دوما يتهمني بالغباء وقلة الحيلة، وأني لا أتحمل المسئولية، مع أنني كنت وبدون مبالغة أحصل على أعلى الدرجات على مستوى المدرسة، ومنذ كنت في الثانية عشر أحاول قدر المستطاع التخلص من نقد والدي المستمر لي، وذلك بالقيام بأمور عديدة، منها الاهتمام بصيانة المنزل من سباكة وكهرباء، والذهاب إلى البنوك وإصدار الشيكات المصرفية، والقيام بالحوالات البنكية إلى دول العمال الذين يعملون لدى والدي، وأقوم بشراء مستلزمات المنزل لوحدي، إلا أن نقده المستمر سبب لي عقدا نفسية، جعلتني أشعر بأنني لا أصلح لشيء.
وطلاق والدتي عندما كنت في الخامسة عشرة أثر في كثيرا، ولا أنسى ذلك اليوم الذي ذهبت فيه لأزور والدتي فإذا هي تطردني، وتقول إنها لا تريد رؤيتي طالما عاشت، وازدادت معاملة أبي لي سوءا ونقده لي أيضا.
تدهورت درجاتي بعد طلاق والدتي، وتخرجت بنسبة ضئيلة، وعندما التحقت بالعمل بنفس الشركة التي يعمل بها والدي فوجئت بطلب نقلي إلى منطقة بعيدة جدا عن أهلي، وعندما تحدثت إلى والدي عن إمكانية نقلي إلى المنطقة التي يعمل بها وعدني بأن يتكفل بالأمر؛ كونه من كبار إداريي الشركة، واستمريت أنتظر إلى أن جاء طلب النقل، وإذ بي أنتقل إلى منطقة أبعد، وعندما كلمت والدي قال لي: إنه سوف يحاول، وبعد مدة اكتشفت أنه كان هو وراء نقلي إلى منطقة أبعد مما أثر في كثيرا.
ومع الوقت انقطعت اتصالاتهم، فلا يتصل بي ولا يزورني أحد، وكأنهم أرسلوني إلى المنفى، فتولد لدي شعور بأني لا أستحق أن يحبني أحد، مع أنني -دوما وأبدا- أتبع مقولة "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك به"، لكن لا حياة لمن تنادي.
تزوجت وكلما حصلت مشكلة مع زوجتي ينتابني خوف شديد جدا من العودة إلى وضعي السابق، وأحيانا يترجم الخوف بتحطيم كل ما يطال تحت يدي من أثاث المنزل أو الأجهزة الموجودة، حتى أنني يوما سحبت أحد المكيفات من مكانه، وأوقعته على الأرض.
أعيش منطويا على نفسي، أفتقد الثقة بالنفس، لا أخالط أحدا، ولا أتحدث إلا مع المقربين جدا مني، يصيبني التلعثم، وتنهمر الدموع عندما أصاب بتوتر ولو بسيط أثناء الحديث مع غير المقربين.
سلكت طريق الالتزام، إلا أن انتقاد والدي الشديد لالتزامي وتشكيكه في مدى التزامي وكوني اكتشفت مؤخرا أنني عقيم دفعني إلى ترك هذا الطريق، أصبحت أشكك في العقيدة ونصوص الأحاديث.
لدي قدرة كبيرة وسريعة في التعلم، إلا أنني لا أطبق ما تعلمته خوفا من الفشل، وخوفا من ردود الفعل السلبية، أصبحت غير مبال بالعمل، أقضي وقتي بالتصفح في الإنترنت أو لعب الورق قبل أن أخرج مبكرا من العمل.
في السنوات الأخيرة بدأت أتصور في مخيلتي كيف أكون لو كنت شخصا آخر، أمضي ساعات طويلة في أحلام اليقظة، أتخيل نفسي جميل المظهر، مليئا بالثقة، لبقا في الكلام، وذا قدرات خارقة، لا أشعر بالسعادة أو راحة البال إلا إذا عشت مع نفسي في تلك الأحلام.
أرجو أن أجد حلا عندكم، فأنا غير راض عن نفسي.