بعد حفظ كتاب الله تعالى.. كيف أدافع الرياء والمعاصي؟

0 42

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
أنا في آخر جزء مما تبقى من حفظي لكتاب الله -لله الحمد والفضل على هذه المنة العظيمة-، ربما أنهي حفظي في الأيام القليلة القادمة.

كيف أحمي قلبي من الرياء وحب السمعة فيما يتعلق بكوني في المستقبل القريب حافظا لكتاب الله؟ وهل يجوز إقامة مولد في منزلي احتفالا بختم القرآن؟

هناك ذنب لا أستطيع تركه، هل يشترط في حفظ القرآن ومن أجل متانة الحفظ ترك هذا الذنب؟ حاولت جاهدا تركه ولم أستطع! وهل كوني حافظا سيحاسبني الله على ذنبي، لأني علمت حكمه، وعلمت الآيات التي تدل على -ربما حرمته- ولم أعمل بها؟

السؤال الأخير باختصار:
أعاني من صعوبة التحدث أحيانا أمام الآخرين، وأيضا على الهاتف، على عكس قراءة القرآن؛ حيث ينطلق لساني بكل سلاسة، فكيف أستطيع التغلب على هذه المشكلة؟

أرجو التفضل بمساعدتي وجزاكم الله عني خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Bashar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، وهنيئا لك حفظ كتاب الله، فـ (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وبشرى لك بقول الله: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} نسأل الله أن يديم عليك فضله ونعمته، وأن يجعلنا وإياك من أهله وخاصته، وأرجو أن تعلم أن مسألة الرياء تحتاج منا إلى مجاهدة مستمرة، ولكن الإنسان ينبغي أن يدرك أن هذا العدو الحقير ضعيف {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}، فعليك بمزيد من الإقبال على كتاب الله والفهم لمعانيه، فإن تلاوتك لكتاب الله طاردة للشيطان وطاردة لكل شر.

أما بالنسبة للاحتفال الذي تقيمه لحفظ القرآن فلا مانع من عمل وليمة، أنا لا أريد أن أقول مولدا، وإنا وليمة -وهي لفظ موجود في السنة- تدعو إليها الأخيار، وحبذا لو يكون في الاحتفال حديث عن كتاب الله تبارك وتعالى وعن فضله.

ثالثا: بالنسبة للذنب الذي أنت مقيم عليه: لابد من ترك الذنب، والاستعانة بالله -تبارك وتعالى- ولا يصلح أن يقول الإنسان: (لا أستطيع)، ولذلك لما جاء شاب وقال: (عندي ذنب لا أستطيع أن أتركه) قال إبراهيم بن أدهم: (يا هذا إن أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرضه) قال: (أين أسكن والأرض لله؟) قال: (أما تستحي من الله تعصيه وتسكن في أرضه). قال: (يا هذا إن أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه) قال: (ومن أين آكل والأرزاق كلها بيد الله ومن الله) قال: (أما تستحي من الله، تسكن في أرضه وتأكل من رزقه وتعصيه؟!). قال: (يا هذا إن أردت أن تعصي الله فابحث عن مكان لا يراك فيه الله) فارتجف وقال: (وكيف والله لا تخفى عليه خافية) قال: أما تستحي أن تعصي الله وأنت تسكن في أرضه وتأكل من رزقه وتعصيه وهو يراك سبحانه؟!).

ينبغي أن تفكر بهذه الطريقة؛ لأن هذه الكلمات لها أثر كبير في ترك الذنب، فعليك بمراقبة الله -تبارك وتعالى- والإنسان إذا وقع في الذنب ينبغي أن يجدد التوبة، حتى يكون الشيطان هو المخذول، وقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب اعمل ‌ما ‌شئت ‌فقد ‌غفرت لك. قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة اعمل ما شئت).

فعليك دائما أن تتخلص من أسباب الوقوع في هذا الذنب، تبتعد عن مواقعه وأماكنه، وشركاء الذنب إن كان فيه شركاء، وآلات الذنب إن كان له آلات، وأرقام ومواقع الذنب إن كان له مواقع وأرقام هواتف، الإنسان لكي يتخلص من الذنب لابد أن يغير، يغير البيئة، يغير الرفقة، يجدد العزم، ويستعين بالله تبارك وتعالى.

والله العظيم يحسابك على الذنب ويجازيك على عمل الخير، ولكن أولى الناس بالابتعاد عن الذنوب طبعا هم حملة كلام الله وكتاب الله -تبارك وتعالى- وقد قال في حقهم: {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير}.

أما بالنسبة لصعوبة التحدث أمام الآخرين فهذه مهارة تكتسبها، والحمد لله أن لسانك ينطلق بالقرآن، وهنيئا لمن كان أكثر كلامه تلاوة القرآن وذكر الرحمن، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونؤكد أن من حفظ كتاب الله قادر بتوفيق من الله أن يفعل الأشياء الكثيرة، فأنت جئت في أعلى الأبواب، وخيركم من تعلم القرآن وعلمه.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات.

مواد ذات صلة

الاستشارات