السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 23 سنة، كان حلمي أن أدرس في كلية الفنون، ولكن لم يكتب لي الله ذلك، لا أستطيع التوقف عن التفكير والندم على الماضي، والله أعلم أن الله اختار لي خيرا بذلك، ولكن أخشى أن يكون عقابا علي لعدم تحقق أمنياتي، أشعر بالفشل والإحباط؛ لأنني وصلت إلى هذا العمر، ولم أنجز شيئا في حياتي، وليس لدي شغف للحياة بسبب التفكير الزائد، والغم والهم.
عندما أستيقظ من النوم في الصباح تأتيني الغصات والحزن، وأتعمق في التفكير، ولا أستطيع السيطرة على أفكاري، وصلت لمرحلة أني كلما أتذكر المدرسة أو الثانوية أحزن، وأشعر بغصة، وكلما أحد ما تحدث عن المدرسة أشعر بضيق وحرقة في قلبي، لا أستطيع التوقف عن التفكير، أشعر بندم شديد، كيف يمكنني أن أبدأ حياة جديدة بدون تفكير؟ لا أستطيع فعل ذلك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.
أولا: نقول لك الحمد لله على ما اختاره الله تعالى لك، فعدم التوفيق، أو عدم تحقيق الرغبات ليس معناه عقابا، فأمر المؤمن كله خير، قال صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
ثانيا: الإنسان لا يدري أين يكون الخير، هل في مجال دراسي معين؟ أم في وظيفة ومهنة معينة؟ أم يكون في غير ذلك {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].
ثالثا: إذا لم تتحقق الرغبات ليس معنى ذلك أنها نهاية الدنيا، وليس معنى ذلك أن يتقهقر الإنسان ويرجع إلى الوراء ويعجز، بل يمتثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).
رابعا: ما دام الله سبحانه وتعالى متع الإنسان بعقل وبمهارات وبقدرات ومقدرات، فعليه أن يوجهها إلى مسارات علمية أخرى، أو يجتهد في تعلم ما يرغب فيه بنفسه، فالجامعة أو الكلية صحيح أنها تساعد الطالب على تفجير مواهبه بطريقة علمية منظمة، ولكن هناك العديد من المبدعين نموا مواهبهم بمجهود فردي، بمساعدة بعض ذوي الاختصاص.
خامسا: الشهادة الأكاديمية تكون مطلوبة للتوظيف، وهي وسيلة توضح أن الطالب قد أكمل المقررات الأكاديمية المعتمدة، ولكن يمكن أن يكون الشخص مبدعا ومتفوقا بدون هذه الشهادة، ونحن اليوم في عصر تكثر فيه مصادر المعرفة والتعلم الذاتي، وأصبح الحصول على المعلومة أسهل مما كان في السابق، والتعلم الافتراضي أصبح متاحا لتعلم أي فن من فنون الحياة، وربما يكون التعلم الرقمي هو السائد في المستقبل القريب، وستنحسر الكليات التي تدرس بالطريقة التقليدية.
فنقول لك - ابنتنا الكريمة -: ما زالت الفرص أمامك لتعلم أي فن أو علم تجدين فيه نفسك، أو تشعرين فيه بالرضا، ويمكنك من تحقيق أهدافك التي رسمتها لحياتك.
وهناك الكثير من الأمثلة لعلماء ومفكرين ومبدعين ومخترعين تركوا التعلم النظامي وتفوقوا على أقرانهم بسبب رغبتهم الجادة في تعلم المجالات المختلفة، وأصبحوا أعلاما ونجوما في شتى مجالات العلوم، لذلك حاولي أن تقرئي سير مثل هؤلاء، وكيف تغلبوا على الصعاب، وكيف أثبتوا أنفسهم، وكيف أتيحت لهم الفرص وأصبح يشار إليهم بالبنان، وما ذلك على الله بعزيز.
فنقول لك: التغيير ممكن، ونقول لك: غيري الأفكار السالبة التي تكبلك، والتي ترجعك إلى الوراء، انظري إلى الأمام، وإن شاء الله ستجدين كل ما ترغبين فيه بكل سهولة ويسر.
والله الموفق.