قمت بتشخيص حالتي بنفسي وتناولت العلاج، فهل تصرفي صحيح؟

0 34

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من وسواس قهري واضطراب الشخصية الحدية منذ أكثر من 3 سنوات، وكان لدي روتين قبل تخرجي بسنة، وبعد التخرج لم أعد أفعل شيئا، وفي الحالتين نفسيتي مضطربة جدا، والمرض أصبح عضويا، لدي حساسية عالية جدا في أسناني، وتساقط شعري، وجهازي الهضمي ليس في أفضل حالته.

قررت بالأمس ومن دون وصفة طبيب تناول البروزاك، تناولت حبة، ولم أحس بأي شيء، ولكني حلمت بكابوس مخيف جدا، لا يمكنني الآن زيارة طبيب، فبماذا تنصحونني؟

أنا من حددت أن الذي عندي هو اضطراب الشخصية الحدية؛ لأن جميع الأعراض موجودة، سواء في التصرفات أو في تعاملي مع الناس، أبحث عن المرض منذ أكثر من سنتين، وقرأت عنه كثيرا، ومؤخرا أدركت أني مصابة بوسواس، وأن الحياة سوف تنتهي قريبا؛ ولا داعي لفعل أي شيء، مما جعل الأشياء تتراكم، حتى في أفضل حالاتي أشعر أنني سأموت قريبا!

أصبحت أخاف من السعادة، لمجرد علمي أني سوف أنتكس بعد هذه السعادة، وأعاني من نوبات غضب غير مبرر لها، وأي شخص يمكن أن يؤثر على نفسيتي، فيمكن لطفل أن يجعلني أبكي!

وأيضا لدي مشاكل أسرية كثيرة، نحن في تشتت دائم، وليس لدي أية علاقات عاطفية غير واحدة، وكانت من طرف واحد، وأنا من أنهيت الموضوع؛ لأني أعلم أني سوف أهجر على كل حال، وسرعان ما أحاول الرجوع مرة أخرى، لقد كررت هذا الموضوع إلى أن أنهيته في يناير الماضي، وإلى الآن لم يتم التواصل، ولكن عقلي دائما معه.

أريد أن أهدأ قليلا، وأن أتقبل ما أنا عليه، أريد نصيحتكم في الدواء، أو بشكل عام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن حقيقة ننصح دائما بأن لا يلجأ الإنسان إلى التشخيصات الطبية النفسية القوية، مثل الشخصية الحدية إلا إذا كان ذلك يقوم على أسس علمية، وبعد أن يكون الإنسان قد قام بمقابلة الطبيب المختص، والطبيب المختص نفسه غالبا لا يشخص الشخصية الحدية من المقابلة الأولى.

عموما طبعا أنت إنسانة متعلمة -والحمد لله- وقطعا لديك إمكانات التمييز ما بين الأعراض، وربما يكون لديك بعض أعراض الشخصية الحدية؛ لأن الشخصية الحدية طيف واسع جدا من الأعراض، وعموما بالنسبة للمآل الإكلينيكي للشخصية الحدية ليس بنفس السوء الذي كان يعتقد فيما مضى، الآن كثير من الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية – وطبعا هي تكثر وسط النساء – تتحسن أحوالهم بمرور الوقت، فيما مضى كان الاعتقاد أن هذه الحالة حالة مزمنة ومعيقة، وهذا ليس صحيحا.

طبعا العلاج النفسي السلوكي المباشر سيكون مفيدا لك، لكن ذكرت أنك لن تستطيعي مقابلة الطبيب، إذا ينحصر علاجك في العلاج الدوائي، وبعض الإرشادات العامة التي يمكن أن نذكرها لك، والتي أسأل الله تعالى أن تفيدك كثيرا.

أولا: يجب أن تكوني دائما إيجابية في تفكيرك ومشاعرك، وتجتهدي أن تكوني منجزة من خلال القيام بالأعمال الطيبة والمفيدة، وأنت -الحمد لله- خريجة هندسة، فيمكن أن تبحثي عن العمل المناسب، ويمكن أيضا أن تفكري في الدراسات العليا، وهنالك أشياء كثيرة جدا يمكنك القيام بها.

ليس المهم هو التشخيص، المهم هو: ما الذي سوف يفعله الإنسان حيال تشخيصه، ووجد أن الأنشطة الحياتية وحسن إدارة الوقت، وأن يكون للإنسان أهداف وبرامج وآمال وطموحات، ويضع الآليات التي توصله إلى أهدافه؛ يكون هذا هو الأفضل، ويكون هذا هو الأنجع، ويكون هذا هو الأفيد فيما يتعلق بمآل الحالة النفسية، فاجعلي هذا منهجك.

وطبعا معظم مرضى اضطراب الشخصية الحدية يحسون دائما بالضجر وبالفراغ الداخلي؛ فلذا نقول نحن: حسن إدارة الوقت ضرورية جدا، وأن يتجنب الإنسان السهر، وأن يمارس الرياضة، والتواصل الاجتماعي له أهميته، والقراءة والاطلاع، هذا كله -إن شاء الله تعالى- يعود عليك بفائدة كبيرة جدا.

بالنسبة لتساقط الشعر: ربما يكون القلق النفسي قد ساهم في ذلك، لكن طبعا دائما يكون من الحكمة القيام بالفحوصات الطبية العامة، في بعض الأحيان فقر الدم قد يؤدي إلى تساقط الشعر، ونقص الفيتامينات كذلك قد يؤدي إلى ذلك، فتأكدي من مستوى الهيموجلوبين لديك، ومستوى الدم الأبيض، وكذلك وظائف الكلى والكبد، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12) وفيتامين (د)، هذه فحوصات أساسية وضرورية، وإن كان هنالك أي خلل سوف يتم معالجته طبيا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الـ (بروزاك prozac) دواء جيد، لكن قطعا لن تستفيدي منه بتناول كبسولة ليوم أو يومين، لا، يجب أن تصبري عليه، وتبني الجرعة تدريجيا، كبسولتان في اليوم قد تكون هي الجرعة العلاجية في مثل حالتك، والبروزاك دواء رائع جدا لعلاج الوسوسة أيا كانت، فاستمري على كبسولة واحدة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة كبسولتين في اليوم، وهذه تستمرين عليها على الأقل لمدة ستة أشهر، ثم تجعلينها كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

يتميز البروزاك بنقائه، وفعاليته، وأنه غير إدماني، ولا يزيد الوزن، وفي ذات الوقت لا يؤثر على الهرمونات النسائية، فهو دواء مثالي جدا.

يضاف إلى البروزاك دواء آخر يعرف باسم (توباماكس Topamax)، واسمه العلمي (توبيراميت Topiramate)، هو دواء في الأصل يستعمل لعلاج أنواع معينة من الصرع، لكن أيضا وجد أنه مفيد جدا في علاج الشخصية الحدية، فيمكن أن تتناوليه بجرعة 25 ملغ يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها 50 ملغ يوميا لمدة شهرين، ثم 25 ملغ يوميا لمدة شهر، ثم 25 ملغ يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عنه، فهو أيضا دواء ممتاز جدا.

طبعا بالنسبة للوساوس دائما تعالج من خلال التحقير فيما يتعلق بالأفكار، وعدم تحليلها، وعدم الالتفات إليها، وكذلك استبدالها بما هو مضاد لها من أفكار أو أفعال –إن كانت الوساوس هي وساوس أفعال– أو طقوس، وقطعا البروزاك سوف يساعدك كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات