السؤال
السلام عليكم
أشعر أن أبي هو سبب نكبتي في الحياة، وأنا صغير كنت إذا خرجت معه لزيارة أحد قرابتنا ينتقدني أمامهم، ويوجه لي النقد اللاذع، ويعلق على كل تصرف لي، حتى إني أصبحت أشعر أن كل الناس تنظر إلي وتنتقد أي تصرف مني، فأنا أصبحت أستحي أن أطلب من أحدهم أن يساعدني في شيء ما لم يعرض علي أحدهم مساعدة.
منذ أن تخرجت من الجامعة بدأت التعاسة والشقاء الأبدي يدخل في حياتي، فقد التحقت بالماجستير، وكنت أخشى أن أذهب لأستاذي المشرف، حتى لا ينتقدني، وقضيت فيه ثلاث سنوات، حتى أكملته.
بدأت دراسة الدكتوراة، ولكني تركتها، وعملت موظفا في إحدى الشركات، وكان لدي مدير يوجهني، وأنفذ كل ما يطلبه بالحرف، فترقيت سريعا؛ لأنه أحب عملي، ثم كلفت بأن أدير أحد الفروع، فلم أستطع أن أتخذ قرارا؛ لأني لا أحب أن أكون جشعا.
تركت الوظيفة واتجهت للعمل الخاص، فأنشات محلا تجاريا مع أخي، فهو يعمل في السوق، وكنت أعمل معه بنسبة من الأرباح، لكني لم أكن أطلبها منه مخافة أن ينتقدني.
أشعر أن حياتي واقفة، حتى حين كبر العمل كنت أستحيي أن أذهب لشراء طعام، فأكتفي بوجبة واحدة أتناولها في المنزل مع أهلي، حتى لا يراني أحد من أصحاب المحلات من جيراني، ويقول لي: لماذا لا تأتي لتتناول معنا الطعام، أو أدعوه فيقول لي أخي: لماذا دعوته؟
أنا أعاني كثيرا، ورأى أخي وأبي أن أتزوج، فاختار أخي زوجة لي، وما رأيتها سوى مرة واحدة، ربما تكون خيرا، فتزوجتها رغم أنها لا تعجبني.
تم الزواج كما رتبه أبي، وأسكنني أبي معه في المنزل، وكل ليلة كانت زوجتي تنتقدني وتضربني، فطلقتها، وحدثت حرب، وأنا الآن عاطل أنتظر، ولا أدري ماذا أفعل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نحن نأسف لسماع ما تمر به من مشكلات وصعوبات في حياتك، ويبدو أنك قد تعرضت للكثير من التحديات والضغوط منذ الطفولة.
أنت تواجه ما يعرف بفقدان الثقة بالنفس، بسبب الانتقادات المستمرة والمتكررة من والدك وآخرين، فالانتقاد المستمر قد يؤدي إلى شعور بالقلق الاجتماعي، والخوف من الفشل وصعوبة في اتخاذ القرارات.
من المهم أن تتذكر أنك تستحق الحب والاحترام، وأن تعيش حياة سعيدة ومستقرة، لا تدع ماضيك وتجاربك السلبية تمنعك من النمو وتحقيق النجاح في المستقبل.
هنا بعض الخطوات التي قد تساعدك:
1. ابحث عن المساعدة النفسية، سواء كان ذلك من خلال العلاج النفسي أو الاستشارة، فدرجة الثقة بالنفس المتدنية عندك أوصلتك إلى الرهاب الاجتماعي، وهذا يتطلب تدخلا نفسيا علاجيا.
2. انخرط في الأعمال الاجتماعية، كصلاة الجماعة، فهي من أفضل الوسائل التي تساعد في علاج الرهاب الاجتماعي، وتقوي الثقة بالنفس، وتدرب صاحبها على المواجهة.
3. تحدث مع أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين، وتحدث مع الأشخاص الذين تثق بهم عن مشاعرك وتجاربك، فقد يكون لديهم نصائح وأفكار قيمة تساعدك.
4. ابحث عن هواية أو نشاط تستمتع به؛ فقد يساعدك في تحسين حالتك النفسية، وتقديم مساحة آمنة لك للتعبير عن نفسك.
5. لاستعادة ثقتك بنفسك، ابدأ بتحديد الإنجازات الصغيرة في حياتك والاحتفال بها، واعمل على مكافأة نفسك، ولو كان عملا صغيرا.
6. ذكر نفسك بقيمتك، والتركيز على جوانبك الإيجابية، وأن الله كرم الإنسان وفضله على كثير من مخلوقاته.
7. ربما يكون والدك قد أساء لك في طريقة تربيته لك، فتلك هي طريقته، وذلك هو خياره، وكل شخص سيسأل أمام الله تعالى عمن استرعاهم تحت يده، لكن أنت من جانبك عليك أن تؤدي ما فرضه الله عليك من واجب الطاعة بالمعروف. قال تعالى: ﴿ وقضىٰ ربك ألا تعۡبدوۤا۟ إلاۤ إیاه وبٱلۡو ٰلدیۡن إحۡسـٰناۚ إما یبۡلغن عندك ٱلۡكبر أحدهماۤ أوۡ كلاهما فلا تقل لهماۤ أف ولا تنۡهرۡهما وقل لهما قوۡلا كریما﴾ [الإسراء ٢٣].
8. تنقلاتك الكثيرة بين الأعمال وحتى الزواج والطلاق لاحقا، يشير إلى أهمية التدرب على مواجهة الأمور والتدرب على رفع الثقة بالنفس، وهذه تحتاج إلى تدريبات على يد مختصين، إضافة إلى الجانب النظري والاطلاع على بعض المهارات والكتب المختصة بذلك.
9. ينبغي التفريق بين الخجل والحياء، فالخجل هو عدم قدرتك على أخذ حقك من الآخرين، بينما الحياء هو امتناعك عن أخذ حق الآخرين، أو الإساءة والمخالفة بالمعصية، والحياء لا يأتي إلا بخير، بينما الخجل صفة قبيحة ينبغي الابتعاد عنها.
10. ابحث عن شخص أو شخصين جيدين من الأصدقاء، وحاول أن تحتك بهما في حياتهما العملية، وتعلم منهم، فالحياة مشاركة، والصاحب ساحب كما يقال، فقد تتأثر بطريقتهم وثقتهم بأنفسهم.
تذكر أن البحث عن المساعدة ليس علامة على الضعف، بل على القوة.
نتمنى لك كل الخير والسعادة في المستقبل.