السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مشكلة في نمط مواعيد نومي بسبب الدواء الذي أتعاطاه لمرض الاضطراب ثنائي القطب (أولابكس تركيز ١٠ مجم)، أنا أريد أن أنظم مواعيد النوم حسب استطاعتي لقيام الليل على سنة داود عليه السلام، والصيام أيضا على سنته، فقررت أن آخذه بعد صلاة المغرب مباشرة، ومع ذلك لا أستطيع أن أنظم مواعيد نومي بشكل ثابت بعد صلاة العشاء إلى نصف الليل، ومن ثم أقوم ثلثه، وأنام سدسه الأخير، فبم تنصحونني؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما دام الأولبكس -وهو الأولنزبين- يسبب لك نعاسا وزيادة نوم وخمولا، فيمكن أن تعدلي الأمور بصورة أفضل جدا، لكن يا حبذا لو كان ذلك عن طريق طبيبك، مثلا يمكن أن تخفضي جرعة الأولبكس إلى 5 مليجرام ليلا، وتتناولي معه دواء آخر يكون مثبتا للمزاج، مثل عقار ليثيام مثلا، أو عقار كارلومازبين، هذه أدوية فعالة جدا لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، أو يمكن أن يتم التوقف تماما عن الأولبكس، وتتناولي عقارا يعرف باسم أريببرازول أبليفاي، هذا دواء رائع، وله نفس فعالية الأولبكس، لكنه لا يزيد النوم أبدا، ويعطي طاقات جيدة جدا.
فالتعديل يمكن أن يحصل، وليس هنالك إشكال أبدا، فتواصلي مع طبيبك، ويمكن أن تعرضي مشكلتك عليه، وأنا متأكد أنه غالبا سوف يخفض جرعة الأولبكس إلى 5 مليجرام، لكن يضيف لك أحد الأدوية الأخرى حتى لا تحدث أي انتكاسة بالنسبة لك، وتجنبي طبعا النوم النهاري، ومارسي بعض التمارين الرياضية.
وبالنسبة للعبادة وقيام الليل، نقول لك: جزاك الله خيرا ونسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله، لكن أيضا لا تجهدي نفسك، واتقوا الله ما استطعتم.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
____________________
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي المستشار الشرعي والتربوي.
______________________
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، وأن يصرف عنك كل مكروه.
قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور محمد بما ينفعك من الناحية الصحية، ونزيد –أيتها الفاضلة– بعض الإيضاحات للجوانب الشرعية، فقيام الليل سنة مستحبة مؤكدة، ولكن ينبغي للإنسان أن يفعل منها ما تيسر له دون إجهاد، وينبغي له أن يفعل القدر الذي يستطيع أن يداوم عليه.
ولهذا أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إحدى النساء إلى ترك التكلف والزيادة من قيام الليل بحيث لا تستطيع المواظبة عليها، فقد دخل على حجرة من الحجر، فرأى حبلا معلقا في سقف الحجرة، فقال: (ما هذا؟) قالوا: (هذا حبل لفلانة تقوم الليل، فإذا نعست تعلقت به)، يعني أنها كانت تجاهد النوم وتحاول الاستعانة بهذا الحبل أثناء صلاتها حتى لا يغلبها النوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مه) أي: كفوا عن هذا، لا تفعلوا مثل هذا، ثم قال: (عليكم من الأعمال بما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا).
فهذه الوصية النبوية هي التي ينبغي أن تعتمدي عليها، (عليكم من الأعمال ما تطيقون)، افعلي ما تقدرين عليه وما تستطيعين المواظبة عليه ولو كان شيئا يسيرا، فإن القليل بالاستمرار يصير كثيرا.
وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الحكمة من هذا، فقال: (لا يمل الله حتى تملوا) أي: لا يقطع الله تعالى عنكم الثواب حتى تنقطعوا أنتم عن العمل، فالاستمرار كفيل ببقاء واستمرار الثواب، فلو صليت من الليل ما تيسر لك – وليس بالضرورة أن تقومي قيام داود ما دمت غير قادرة على ذلك ويشق عليك – فقومي من الليل شيئا يسيرا من أي أجزاء الليل كان، والليل يبدأ بغروب الشمس، فكل ما تصلينه بعد غروب الشمس إلى الفجر فإنه من صلاة الليل.
وبهذا يتبين لك أن الأمر سهل يسير، وأن الله سبحانه وتعالى كريم يقبل منك العمل، كما أنه من كرمه سبحانه وتعالى وعظيم فضله أنه يثيب الإنسان بمجرد النية، فكل عمل يكون الإنسان عازما عليه يريد فعله ولكن حال بينه وبينه عذر فإن الله تعالى يثيبه بهذه النية.
وقد شهد لهذا المعنى أحاديث كثيرة من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في سنن الترمذي: (إنما الدنيا لأربعة نفر) ثم ذكر الأول بقوله: (رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل)، ثم ذكر الثاني فقال: (ورجل آتاه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان)، فقال: (فهو بنيته فأجرهما سواء)، وأخبر في حديث آخر أن من جاء إلى المسجد، فوجد الناس قد صلوا كتب له أجر من حضر وصلى؛ لأنه كان عازما على الصلاة معهم.
وهكذا ورد هذا المعنى في أحاديث كثيرة، فالله سبحانه وتعالى سيكتب لك أجر القيام والصيام ما دمت تعزمين على ذلك ولو لم تفعلي، ما دام المرض هو الذي يحول بينك وبين فعل الطاعة.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الطاعات وييسرها.