السؤال
السلام عليكم
طفلي عمره 6 سنوات، رأى صورة مخيفة على الانترنت عندما كان يرسم رسمة مفضلة، ومنذ ذلك الحين حتى وإن نام في الليل يصحو ويطلب النوم في سريرنا أنا ووالده، كنا حازمين معه بعدم القبول، وكان التعامل الهين واللين موجودا في أيام، وفي أحيان كثيرة كان والده يغضب عليه، ويطلب منه مغادرة الغرفة والعودة إلى فراشه، ولكن لا فائدة، وتنتابه نوبة من البكاء والتوسلات، وعندما يستيقظ صباحا يعتذر بقوله سوف أحاول أن لا أزعجكم بالليل، ولكن دون جدوى.
هذه المسألة تسببت بحدوث فجوة بيني وبين والده باتهامي أني عندما أقرأ له القرآن، وأحاول تهدئته أني أدلعه، ولا أصنع منه رجلا يواجه الخوف، ولكن من حرصي عليه أن لا تكبر مشكلته، وتبقى نفسية معه إلى أن يكبر.
مع العلم أنه ينام بنفس الغرفة مع أخته التي تكبره بثلاثة أعوام، وكانت لديها نفس التصرفات عندما كانت طفلة، ولكن ما أن بلغت عامها السابع تراجعت عن القدوم ليلا حتى وإن لم تستطع النوم، وتبقى بالفراش وتحاول النوم، حاولت أيضا أن أضع له الفراش في الصالون كسبيل للمساعدة له عندما يستيقظ بالليل ولا يأتي إلى غرفتي، ويذهب الى الفراش المهيأ وينام فيه، نجح هذا لعدة أيام، وكنا نشجعه أنا ووالده، ولكن بعدها بأيام عاد إلى البكاء والتوسلات مؤخرا.
مع العلم بأن هذا الحال له شهران من تاريخ إرسالي للاستشارة، أرجو إفادتي بالطريقة الصحيحة لمساعدة ابني لكي لا أدمر شخصيته، ولا أجعل الخوف يستوطن قلبه، مع العلم بأني مواظبة على الصلاة، وتلاوة القرآن، وأشغل سورة البقرة ليلا لكي يناموا على صوتها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك ولطفلك الصحة والعافية.
أولا: مخاوف الأطفال في هذا العمر تعتبر طبيعية؛ لأن إدراك الطفل لمهددات الحياة تصحبها تصورات خاطئة لا يستطيع الطفل تفسيرها كما يفسرها الكبار؛ لذا من غير المنطق أن يعامل الطفل كالشخص الراشد فيما يتعلق بالمثيرات التي تبعث في نفسه الخوف.
الطفل بطبعه يبحث عن الأمان والاطمئنان عند والديه، فإذا فقد ذلك ربما يؤدي عدم الأمان إلى ظهور بعض السلوكيات المرضية والتي تظهر في شكل أعراض مختلفة، منها على سبيل المثال: التبول اللاإرادي، أو النكوص إلى سلوكيات طفيلية، يمكن أن نسميها بحنين الطفل إلى المراحل العمرية الأولى التي تجذب انتباه الوالدين.
وهذا بالطبع قد يؤثر على حياة الطفل المستقبلية؛ لأن عدم الشعور بالأمن والأمان يزعزع شخصية الطفل، وخاصة إذا أجبر من قبل الوالدين على مواجهة مثل تلك المواقف دون أن يكون له الاستعداد لمواجهتها، لذلك لا بد أن نطمئن الطفل بأن هناك من يحميه ويدافع عنه في حالة المخاطر، ثم يأتي زرع الثقة بالنفس بصورة تدريجية وخطوة خطوة لمواجهة المواقف الأقل خطرا أولا، ثم الأكثر فالأكثر، مع دعمه وتزويده بالمعارف والمهارات التي تساعده في التغلب على مخاوفه.
وفي حالة طفلك - أيتها الأخت الكريمة - أولا: يجب معرفة أسباب الخوف الذي نشأ نتيجة مشاهدة تلك الصور، وما هي التصورات الذهنية التي تكونت نتيجة تلك المشاهدة، ومحاولة إزالة المفاهيم الخاطئة التي ترسبت في ذهنه، وذلك بتبيين الحقائق أو بضرب الأمثلة.
ثانيا: الجلوس مع الطفل في غرفة نومه في وقت النوم، ونشعره كأننا نريد النوم معه حتى يغلبه النعاس وينام، ثم معاودة ذلك بين الحين والآخر، وترقب وقت استيقاظه، وطمأنته مرة أخرى وقبل وقت الاستيقاظ أيضا في الصباح الباكر، ولا بأس من تبادل الأدوار بين الأب والأم، وحتى يدرك الطفل أنه تحت الرعاية والحماية المستمرة.
ثم نشجعه تدريجيا على النوم بمفرده، وإذا أحس بأي خطر لا بد أن نعطيه المعلومة الصحيحة: (نحن بجوارك طوال الليل) مثلا، فمن الخطأ أن نقول للطفل: (كن شجاعا) أو (لا تخف) دون أن نزوده بالأسلحة اللازمة التي تساعده في الدفاع عن نفسه مثل: إعطائه المعرفة اللازمة لتفسير الوساوس المخيفة، أو تحصينه وتعليمه بعض آيات القرآن الكريم، وتفهيمه بأنها حصن حصين، والله سبحانه وتعالى هو الحافظ دائما.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.