استخرت الله في إعادة الامتحان فزاد تعلقي بالأمر رغم رفض أمي!

0 61

السؤال

السلام عليكم.

صليت البارحة صلاة الاستخارة، وكان السبب هو إعادة امتحان رسمي محدد يسمح لي بدخول كلية الطب، أو علوم الحاسوب للمرة الخامسة، ولم أستخر الله في هذا الأمر من قبل، بل حتى لم أكن أصلي أصلا، فقررت أن أحافظ على صلاتي أولا، وأن أجعل لي وردا من القرآن، ثم أستخير الله، ففعلت ذلك، وسألت الله أن يختار لي، ولا يخيرني، وأن يلين قلب أمي، وأكسب رضاها حول هذا الموضوع، وكذلك أن أوفق.

فما إن أكملت ووصلت غرفتي، حتى وجدت رسالة منها ترفض ذلك رفضا قاطعا، ولكن كلامها زادني تعلقا بالامتحان أكثر وأكثر، فهل أكمل في التحضيرات لهذا الامتحان، أم أعدل عنه؟

علما بأني حريص على بر والدتي، ولكن هذا مستقبلي، ولست أعيده لجاه أو لمال، بل حبا لذلك المجال منذ الصغر.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أمور الاستخارة قد تكون محيرة للكثيرين، ولكن الأساس في الاستخارة هو التوكل على الله، والثقة بأن ما قدره الله لك هو الأفضل.

لنبدأ بتحليل الأمور:

1. أولا الاستخارة: فعندما تستخير الله في أمر معين، فأنت تسأل الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير، وإذا كان الأمر خيرا لك في دينك ودنياك وعاقبة أمرك فإن الله ييسره لك، وإذا كان العكس، فإن الله يصرفه عنك، والأفضل هو استشارة أهل الرأي والخبرة قبل صلاة الاستخارة؛ فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :(3/ 243-247): قال ابن حجر الهيثمي: حتى عند التعارض (تقدم الاستشارة)؛ لأن الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس، وذلك لغلبة حظوظها، وفساد خواطرها، وأما لو كانت نفسه مطمئنة صادقة، وإرادته متخلية عن حظوظها قدم الاستخارة.

علامات القبول: اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن علامات القبول في الاستخارة انشراح الصدر، وشرح الصدر: عبارة عن ميل الإنسان وحبه للشيء من غير هوى للنفس، أو ميل مصحوب بغرض، على ما قرره العدوي.

وقال الزملكاني من الشافعية: لا يشترط شرح الصدر؛ فإذا استخار الإنسان ربه في شيء فليفعل ما بدا له، سواء انشرح له صدره أم لا، فإن فيه الخير، وليس في الحديث انشراح الصدر.

وخلاصة الأمر، أن هناك علامتان: انشراح الصدر، وتيسر الأمر الذي عزمت عليه.

أما علامات عدم القبول: فهي أن يصرف الإنسان عن الشيء؛ لنص الحديث، ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، وعلامات الصرف: ألا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه معلقا به، وهذا هو الذي نص عليه الحديث: "فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به". انتهى.

وكونك تعلقت بالاختبار أكثر، فهل هذا يدل على أن المصلحة هي في الاختبار؟ نعم، قد يكون كذلك -والله أعلم-.

2. إذا كانت والدتك تعارض قرارك؛ فهذا قد يكون من باب حرصها عليك، وخوفها من فشلك، أو من إعادة السنة، وفي بعض الأحيان قد يكون الأهل يرون ما لا نراه نحن، لذلك من الأفضل مناقشة الأمور معهم، وسماع وجهة نظرهم.

3. وإذا كنت تشعر بأن هذا الامتحان والتخصص الذي ترغب فيه هو حلمك، وأنت مقتنع به، فلا بأس بمحاولة التحدث مع والدتك، وشرح أسبابك لها بشكل واضح وهادئ، والبحث عن حل وسط.

4. ومن المفيد النظر للتوازن بين رغبتك وبر الوالدين؛ فبر الوالدين والطاعة لهم في الخير هو من أسمى الواجبات في الإسلام، لكن إذا كانت الرغبة شخصية، وترى فيها مصلحتك، ولا تخالف الشرع الإسلامي، فمن الجيد مناقشة الأمر مع والديك، والتوصل إلى حل يرضي الجميع.

5. قيم الأمور بشكل عقلاني، فقد تكون هناك أسباب عقلانية تجعل استمرارك في تقديم الامتحان للمرة الخامسة غير مجد، مثل: التكلفة المادية، أو فرص النجاح، فقم بتقييم الأمور بشكل جيد، واستشر أشخاصا في المجال ليقدموا لك نصائحهم.

في الختام: الرجوع إلى الله، والدعاء، وطلب الهداية في الأمور المحيرة دائما ما يكون له الأثر الجيد في توجيه القلوب والعقول، ولا تنس "إن الله مع الصابرين"، و"إن مع العسر يسرا".

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات