السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة حصلت على الإجازة قبل 3 سنوات، ولم تتح لي الفرصة لدراسة الماجستير ولا العمل، فقررت أن ألتحق بمدرسة لغات، فدرست لمدة عامين تم توقفت لأسباب، منها الاختلاط والخلوة وطريقة التدريس غير الممنهجة.
لكني لم أجد البديل، فاضطررت للمكوث في البيت لمدة سنة كاملة، والتي بدأت في أواخرها بشعور بالضياع والكآبة لسببين:
أولهما: عدم خروجي من البيت إلا نادرا، وهذا لأني لا أحب الخروج بدون هدف، مثل الدراسة أو العمل أو حتى زيارة طبيب، لا أدري لماذا؟ لكن حتى التنزه لا يرضيني.
ثانيهما: الوحدة، أهلي حولي -ولله الحمد- لكن لا صديقات لي، ولا معارف، قد كونت صحبة إلكترونية على إحدى منصات مواقع التواصل الاجتماعي منذ سنوات مع فتيات يشاركني نفس الاهتمامات، ويتوافقن معي فكريا لحد كبير، لكن مؤخرا بدأن يمضين في حياتهن واحدة تلو الأخرى.
هكذا بدأ الضجر يتسلل لي، وأنا الآن شبه منقطعة عن هذه المواقع الإلكترونية؛ مما يجعلني منقطعة عن ما يحدث في الواقع أيضا، وهذا لأن اهتماماتي والنقاشات التي كنت أخوض فيها متعلقة بذلك.
أصبحت أعي بالفراغ والوحدة التي أعيش فيها في حياتي، فلم أعد أستطيع إكمال الدورات التي سجلت بها، ولا مشاهدة المواد الشرعية والفكرية والدعوية التي تلامس الواقع، والتي كنت أستأنس بها من قبل.
أحسن الظن بالله، وأثق أنه سيشفي ضيق صدري لكن لا أعلم كيف آخذ بالأسباب؛ لأن الأبواب كلها مغلقة في وجهي حاليا.
هل قمت بالمبالغة في مشكلة صغيرة؟ وإن كان كذلك، فما السبيل للأنس بالله وحده دون الناس؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:
قد منحك الله تعالى عطايا ينبغي استثمارها، فأسلوبك في تبيان مشكلتك دال على تقدمك في اللغة، وشرح المشكلة بطريقة تصاعدية دال على منهجيتك في الطرح، وهذان مؤهلان جيدان لشخصية يمكن أن تكون محورية في عالمها الإسلامي، وإنا لنرجو الله أن تكون تلك الرسالة هي بداية وضع الأقدام على أول الطريق الصحيح.
أختنا: الإنسان بلا هدف ورقة تعبث بها الرياح، فلا تستقر في موطن ولا ينتفع بها في مكان، وكلما عظمت الأهداف قلت الدافعية إلى توافه الأمور وسقطات النفوس.
أختنا: ليس كل الناس يصنع قائدا، وليس كل الناس قادرا على أن يكون فاعلا في مجتمعه، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس كإبل مائة، لا تجد فيها راحلة، فالإبل كثير والرواحل قليل.
لذا نقول لك: مشكلتك لن نجيب عليها؛ لأن قدراتك العلمية وشخصيتك لا تتوقف عند بعض النصائح التي تخرجك من هذا الشعور الزائف ببعض الإرشادات التي هي دون قدراتك، ودون إمكاناتك؛ لذا نعالج المشكلة بوضع منهجية علمية، هدفها الأساسي أمران:
1- البحث عن مرضاة الله عز وجل، بعمل يرضى به عليك.
2- سد ثغرة لأمة الإسلام، وذلك بالعمل على نهضة أمتك.
هذان الهدفان يجب أن يكونا أمام ناظريك، فإذا ما اقتنعت بذلك وأدركت أن هذا الدور المنتظر أنت أحق الناس وأولاه به، تغيرت حياتك رأسا على عقب بعون الله.
أختنا الكريمة: أنت متعلمة، ولغتك جيدة، لكنا لا ندري هل درست بعضا من علوم الشريعة أم لا؟ على العموم نحن نريد منك أحد أمرين:
- إما الالتحاق بأي أكاديمية علمية على الإنترنت، وهي كثيرة والحمد لله، أو دراسة هذه الكتب، وأغلبها لها شروحات على الموقع، وهي لن تأخذ منك الكثير بأمر الله.
في العقيدة: "العقيدة في ضوء الكتاب والسنة" للدكتور عمر الأشقر، وفي الفقه: "الملخص الفقهي" للشيخ صالح فوزان.
وفي التفسير: "زبدة التفسير" للدكتور محمد الأشقر، أو "تيسير الكريم الرحمن" للشيخ السعدي، وفي الحديث: "شرح الأربعين النووية" للإمام النووي، و"رياض الصالحين" للإمام النووي.
وفي السيرة: "نور اليقين في سيرة سيد المرسلين" للخضري، أو "الرحيق المختوم".
في أثناء هذه الدراسة نريد منك تفعيل الجانب الدعوي والاجتماعي لديك، ويمكن أن تكون البداية بأهل بيتك وعائلتك، ويمكن كذلك أن تكون عن طريق مواقع الإنترنت أو عن طريق بعض الجيران، المهم أن يكون لك منهج دعوي أثناء الدراسة، هنا ستجدين وقتك مزدحما بالنافع، وستجدين كل يوم تقدما نوعيا في حياتك كلها.
كذلك نريد منك التواصل مع المساجد النوعية القريبة منك، والاجتهاد في إعطاء بعض الدورات العلمية على الأقل في اللغة والقرآن.
هذا -أختنا- هو الطريق إلى الأنس بالله، والطريق إلى مرضاة الله، والطريق إلى نفع أمتك، والطريق إلى علو درجتك، وغير ذلك لا يليق لك، فأمتنا تحتاج إلى الكثير من المصلحات، وأنت -إن شاء الله- إحداهن.
وفقك الله وكتب أجرك، والله المعين.