لم أوفق بدراسة ولا وظيفة ولا عمل حر ولا زواج.. ما تفسيركم؟

0 31

السؤال

أنا شاب، أبلغ من العمر ٢٨عاما، لم أوفق في حياتي بأي من أساسيات الحياة الدنيا، لم أوفق بدراسة، ولا بوظيفة، ولا بعمل حر، ولا بزواج، وكلما أقدمت على أمر أحاول فيه تحسين معيشتي أفشل، وأرجع متضررا أكثر من ذي قبل، وأكثر ما أثر بي ويؤلمني أني أكملت سنة لا أستطيع فيها الصلاة، ولا قراءة القرآن، ولا الأذكار.

علما أني قبل هذه السنة قد من الله علي وأذن لي بذكره، وكنت ملتزما جدا، ولمدة ٤ سنوات بالصلوات، والسنن والنوافل، وقيام الليل، ودعاء وصيام، وأختم القرآن كل شهر، والحمد لله كنت نفسيا مرتاحا جدا، وأستشعر حضور الله معي، وصابر ومحتسب بكل ما يمر علي، لكن خلال هذه السنة تبدل حالي تماما، وازداد علي التعب النفسي، والشعور بالذنب، وصرت أخاف من أن يكون قد كره الله عبادتي، وحرمني من ذكره والتقرب إليه، وزادت معيشتي ضيقا، فأرجو من الله أن يجعل فيكم سببا لإرشادي، ونصحي إلى ما يحب الله ويرضى.

هذا ولكم جزيل الشكر والثواب، وفقكم الله إلى ما يحب ويرضى، وبارك الله في سعيكم، ونفع بكم الأمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ user حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليك بالهداية والتوفيق والسداد، وأن يتوب علينا.

ونحن ندعوك –أيها الحبيب – إلى المسارعة والمبادرة إلى التوبة، والعزم الصادق على تجنب الذنوب والخطايا، وإلى الندم على ما فعل منها، وهذه هي التوبة، والذي يزرع فيك الندم على فعل الذنب والمعصية هو علمك وتيقنك أن وراء هذه الذنوب عقوبات، وأن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد، وأن الإنسان صائر إلى ربه لا محالة، وواقف بين يديه للحساب.

فتذكر هذه المعاني، فاعتقادها اعتقادا جازما يزرع في القلب الوجع والألم بفعل الذنب والمعصية، وهذا هو الندم، وبعد ذلك يأتي العزم على عدم الرجوع إلى الذنب في المستقبل، فإذا يسر الله تعالى للإنسان هذا المعنى وأقلع عن الذنب فإن الله سبحانه وتعالى يغفر ذنبه، وقد أخبر في كتابه أنه قال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} [الشورى: 25]، أنه يبدل سيئات التائب حسنات فقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 70]، كما أخبر النبي -ﷺ- بأن الله يفرح بتوبة عبده، وهذا الفرح ليكرم هذا العبد ويحسن إليه، وإلا فهو سبحانه وتعالى غني عنا وعن عباداتنا.

فتذكر –أيها الحبيب– هذا المعنى، وأن الله سبحانه وتعالى لكرمه ولطفه وبره ورحمته يدعوك إلى التوبة، ويفتح لك الباب ليغفر لك ويثيبك ويسعدك، فقد أخبر في كتابه بأنه يدعو إلى الجنة والمغفرة، فقال سبحانه وتعالى: {والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه} [البقرة: 221].

وما يصيبك –أيها الحبيب– من أكدار في هذه الحياة وأقدار مكروهة، فهو باب من أبواب الابتلاء والامتحان، يفتحه الله تعالى عليك ليختبر صبرك، وإلا فكل مصيبة تصاب بها هي في حقيقتها إحسان من الله إليك، يكفر بها ذنوبك، ويرفع بها درجاتك، وقد قال -ﷺ-: (ما ‌يصيب ‌المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).

وللابتلاء أمد ووقت سينتهي عنده، وسيبدل الله تعالى الحال، {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} [الشرح: 5-6] فاصبر واحتسب، وخذ بالأسباب واحرص على ما ينفعك كما قال الرسول -ﷺ-، وارض بعد ذلك بما قدره الله تعالى لك وقضاه، فإنما يختار لك ما هو خير لك وإن كرهت أنت، وقد قال في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].

نصيحتنا لك أن تجالس الصالحين، وتكثر من التواصل معهم، فهم خير من يعينك على التوبة والاستقامة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات