السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع الإسلامي.
أنا فتاة خريجة جامعية، وشكلي عادي، لكني أعاني من عدة مشاكل:
أولا: أنا بحاجة ماسة للعمل، ولكن لا أستطيع أن أعمل؛ حيث إني عندما أقوم بالتقديم على عمل أشعر بالخوف والبكاء، وأدعو الله أن يرفضوني، وبالفعل يحدث ما أريد، أشعر أني أخاف كثيرا من العمل، والناس في العمل، ولكني أقدم على العمل بالإجبار من قبل أهلي.
ثانيا: أعاني من الخوف من الزواج بحيث عندما أسمع شخصا ما يريد أن يتقدم لي أخاف كثيرا وأبكي، وأدعو أن لا يأتي، وبالفعل لا يأتي؛ لأني أشعر أني غير قادرة على الزواج؛ لأني خجولة جدا وغير اجتماعية.
ثالثا: عندما أخرج أشعر أن الجميع ينظرون لي وأسمع تهامسا وضحكا من قبل الناس، وهذا ليس شيئا أتخيله يحدث بالفعل، وأشعر كل كلامهم عني، ينتقدون شكلي ومظهري، بالرغم من أني فتاة عادية، وأهتم بأناقتي جدا، لكن نظراتهم وحتى الأطفال ينظرون لي بكره، ويسخرون مني أحيانا، لا أعرف لماذا كل هذه الأمور!! والتي جعلتني أكره الخروج من المنزل، ولا أرتاح عندما أخرج، وأنا أعاني كثيرا بحيث إني راضية أن لا أخرج، ولا أتزوج، ولا أعمل، لكن أهلي لا يقبلون بوضعي، ودائما يجعلوني أقدم على عمل أو دراسة أخرى بالرغم من خوفي، بحيث أشعر أني يمكن يوما ما سأموت من شدة الخوف، وكذلك يريدون مني أن أتزوج، وأنا لا أستطيع.
أرجوكم ساعدوني، حتى أنني لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي؛ لأنه في بلدي يعتبرون من يذهب له مجنونا وبالذات أهلي.
مع العلم أني تربيت في عائلة كثيرة المشاكل بين الأبوين، وكثيرة النقد والألقاب غير المحببة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آيات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة المهندسة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
نعم -أختي الفاضلة- مع الأسف ما زال في مجتمعاتنا وصمة المرض النفسي، وأن من يذهب إلى العيادة النفسية فإنه (مجنون)، هذه مأساة حقيقة؛ لأنها تمنع الناس من تلقي العلاج المناسب في الوقت المناسب كما أمرنا به ديننا الحنيف.
أختي الفاضلة: أنت خريجة كلية الهندسة، وأمامك مستقبل طيب بإذن الله سبحانه وتعالى، ولكن قبل أن تفتح الأبواب علينا أن نطرق هذه الأبواب.
لا شك أن الجو الذي ربيت فيه: من المشاكل الكثيرة بين الأبوين، وكثرة النقد، والألقاب غير المحببة، كما ورد في سؤالك، جعلت منك الإنسانة التي أنت عليها، ولكن كما يقول أحد علماء النفس: (نحن لسنا أسرى لماضينا)، بالرغم مما حدث معك في السابق في مرحلة الطفولة والمراهقة إلا أن علينا أن نتابع الطريق. نعم مع الأسف بعض المجتمعات أصبحت تنظر إلى الشابة الملتزمة التي تخاف الله تعالى وخلوقة ينظرون إليها نظرة سلبية، إلا أن هذا يجب ألا يغير عندنا منهجنا في الحياة، فسيري وارفعي رأسك عاليا، فأنت بإذن الله سبحانه وتعالى وتوفيقه شابة متعلمة متدينة، وهذا مدعاة للفخر والاعتزاز، وليس مدعاة للتجنب والهروب والخوف والتراجع والتردد.
فإذا أرجو أن تقبلي على الحياة بهمة ونشاط، واخلعي عنك رداء الخوف والتردد والدونية، فالذي يجب أن ينتقد ليس أنت، وإنما الذي ينظر إليك النظرة السلبية، وعلينا أن نقدر أنفسنا، ولا ننتظر من الآخرين أن يقدرونا.
يمكنك أن تقومي بالإصلاح من تلقاء نفسك، فأنت شابة متعلمة متدينة، ويمكنك أن تبدئي بطرق الأبواب وفتحها والخروج إلى الحياة بمهمة ونشاط.
أرجو أن تبدئي بموضوع العمل، فالأمر ليس مخيفا كما يبدو لك الآن، بل هو أهون من ذلك، ولكن لن تقدري هذا إلا بعد أن تدخلي في مجال العمل، ومن ثم يأتي موضوع الزواج والعلاقات الاجتماعية.
إذا استطعت أن تقومي بكل هذا التغيير من نفسك فنعم بها، وإلا فأرجو ألا تمنعك الوصمة الاجتماعية من زيارة العيادة النفسية؛ لأن هناك مهارات وآليات يمكن أن تساعدك على الحياة العزيزة الكريمة، سواء تدخلات نفسية، أو حتى علاجية دوائية، ولكن أترك هذا للطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي الذي سيقوم بفحص الحالة النفسية ووضع التشخيص، ومن ثم الخطة العلاجية.
داعيا الله تعالى لك بدوام النشاط والتفوق والصحة والعافية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.