هل أخطأت لأني لم أرضَ بالوظيفة التي أتتني؟

0 36

السؤال

السلام عليكم.

أنا طبيبة متخرجة، قمت باجتياز مناظرة للعمل كمساعدة استشفائية في المستشفى، ونجحت، ولكن لم أختر القسم الذي نجحت به، وذلك لأن رئيس القسم إنسان مستبد، وظالم، ولا يحترم أحدا.

أصبحت خائفة، ولم أتقبل العمل معه، مع العلم أنه كان يستغلني في العمل في الماضي، والآن أنا أشعر بالندم؛ لأني أرى أني تسرعت في أخذ القرار من الخوف، وعدم الاطمئنان.

هل أخطأت لأني لم أرض بالرزق الذي أتى بالوظيفة، أم أن عدم اختياري للوظيفة قضاء وقدر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويغنيك بفضله عمن سواه.

نشكر لك تواصلك بالموقع، واستشارتك لمن يدلك على الطريق، ويبصرك بأمر دينك دليل على رجاحة في عقلك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.

واعتقادك -أيتها البنت الكريمة- أن الإنسان مأمور بالأخذ بالأسباب، ومسؤول عن قراراته وتصرفاته اعتقاد صحيح، فإن الله سبحانه وتعالى قدر المقادير بأسبابها، وأمرنا بالأخذ بهذه الأسباب، والسعي في كسبها، وقد أمرنا نبينا الكريم ﷺ بأن نحرص على ما فيه من نفعة لنا ومصلحة، فقد قال ﷺ: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز).

وقد علمنا الله في كتابه الأخذ بالأسباب؛ فأمر مريم -عليها السلام- بأن تهز جذع النخلة وهي تعاني آلام الوضع والولادة، وما ذاك إلا ليعلمنا أن كل شيء بسبب، وأن الإنسان مأمور بأن يتسبب ويبذل وسعه للوصول إلى ما ينفعه، والله تعالى يقدر بعد ذلك ما يشاء.

وبخصوص قرارك بعدم اختيار هذه الوظيفة، أنا أرى أنه ليس في ذلك أي تفريط منك، أو تضييع للأخذ بالسبب الصحيح المباح، فإن الأسباب التي نتكلم عنها إنما هي الأسباب المباحة المشروعة، أما ما حرمه الله سبحانه وتعالى، فهو في الحقيقة ليس سببا أمرنا بأن نعمل به لنصل إلى ما قدره الله تعالى لنا من الرزق، فالله تعالى لا يجعل خيره ورزقه وبره مرتبا على معصيته تعالى، بل الأمر بخلاف ذلك، فقد قال الله في كتابه الكريم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2-3]، فأخبرنا أن تقوى الله هي السبب الحقيقي لكل رزق حسن، وتقوى الله معناها: اتقاء النار بفعل الطاعات الواجبة واجتناب المعاصي المحرمة.

فقرارك بعدم اختيار هذه الوظيفة بسبب ما تتوقعين حصوله من هذا المسؤول عنك -ولا سيما الأضرار المحتملة على دينك من خلال استغلاله لك-، هذا القرار قرار صائب صحيح، فدين الإنسان هو رأس ماله، وقد شرع لنا النبي ﷺ الفرار بالدين، والبعد عن مواطن الفتن والمعاصي، وأنت فعلت ما هو مطلوب منك، وسيجعل الله تعالى لك يسرا ومخرجا كما وعد في كتابه الكريم، فاصبري واحتسبي، واعلمي أن الإنسان معرض للابتلاء والامتحان، يختبر الله تعالى صبره ثم يفرج عنه، فقد قال سبحانه وتعالى: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} [الشرح: 5-6].

نصيحتنا لك أن تتواصلي وتربطي علاقات مع النساء الصالحات والفتيات الطيبات، وتديمي التواصل معهن، فهن خير من يعينك على الثبات على طاعة ربك، وابذلي ما في وسعك من الأسباب المباحة والبحث عن العمل المناسب، واعتقدي أن الله تعالى لن يضيعك، وأحسني ظنك به، فقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

أكثري من دعاء الله، فإن دعاء الله سبب أكيد للوصول إلى كل ما تحبين.

نسأل الله تعالى أن يفرج همك وييسر رزقك.

مواد ذات صلة

الاستشارات