السؤال
السلام عليكم.
منذ فترة طويلة أعاني من الأرق، ولا أستطيع النوم بشكل جيد، لدرجة أني تعبت من الموضوع؛ فقد جربت تناول حبوب بنادول نايت، ولم تجد نفعا، وحاولت النوم في الساعة ١١، ولكني لم أنم إلا في وقت متأخر جدا.
كما أني جربت نصائح على الإنترنت ولم ينفع معي شيء، وأعتقد أن الموضوع بسبب نفسي، فأصبحت أخاف من موعد النوم وأشعر أني أضيع حياتي، ولا أستطيع فعل أي شيء خلال اليوم؛ لأني لا أشعر بالنشاط خلاله، وأصبح الموضوع محور تفكيري.
إضافة إلى أني أشعر بالفشل الدائم؛ لأن تخصصي هو اللغة الإنجليزية، ولا أستطيع تطوير نفسي باللغة، وبقي على التخرج سنتان، حتى أنني أصبحت في بعض الأحيان أفكر بالانتحار، وأتمنى الموت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية: نسأل الله أن يعينك وأن يصبرك، فهذا نوع من الابتلاء، ولكن التفكير في الانتحار أمر خطير للغاية، فكل شخص لديه معوقات ومشاكل في الحياة، ولو كان الحل بالانتحار لانقرضت البشرية، فالله سبحانه يبتلينا للاختبار، لينظر من يلجأ إليه ويستعين به ويوجه حاجته لمولاه، لا أن نحبط ونيأس ونفكر في إنهاء حياتنا، فأول نقطة نذكرك بها أن تقوي إيمانك بالله، وتتقربي منه أكثر، وتبتعدي عن معاصيه، فهذا سيعطيك الدافعية والقوة لاستكمال مشوارك.
أختي الكريمة: موضوع الانتحار ينبغي أن لا يكون في قاموسك أنت الفتاة المؤمنة الصابرة، التي تعلم أن طبيعة هذه الحياة هو الابتلاء والاختبار، وأن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، وأن المؤمن والمؤمنة لا يصيبها هم ولا غم ولا أذى ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة تشاكينها إلا كفر الله بها خطاياك، وأن الله يحب الصابرين.. مثل هذه الأمور ينبغي أن تستصحبيها في حياتك، وتفوضي أمرك لله، وتلهجي بلسان الشاكرة الصابرة بذكر خالقك، وتبثي شكواك وحبك له، ورضاك عن قسمته وتدبيره، وتطلبين منه الفرج والتدبير، فكم من صالح قبلنا اهتم واغتم ومرض، وعلى رأس هؤلاء الصالحين أنبياء الله ورسله.
النوم: هو عملية فسيولوجية، طبيعية، وضرورية للإنسان؛ للحفاظ على صحته الجسدية، وتوازنه النفسي، واضطراب النوم قد يكون مرضا أو عرضا لأمراض أخرى عضوية أو نفسية، وأهمها: القلق النفسي، والاكتئاب، والإجهاد، والتوتر، وعدم القدرة على التأقلم مع ضغوط الحياة.
ومن الواضح من خلال شعورك: بالإحباط، والفشل، والأرق، والتفكير في الانتحار، أنك تعانين من حالة اكتئاب شديدة، وأنك تحتاجين إلى الدعم النفسي؛ للتغلب على الأفكار السلبية، وتنظيم الوقت، وترتيب الأولويات، واتباع النمط الصحي: كممارسة الرياضة، وتجنب الإفراط في استعمال المنبهات، وخاصة في الفترة المسائية، مع ممارسة تمارين الاسترخاء (2136015)، والمحافظة على الشعائر الدينية إرضاء لله، ومن أجل الشعور بالسكينة، والهدوء النفسي.
وأيضا العلاج الدوائي بمضادات الاكتئاب، مثل: دواء فالدوكسان 25 مج قبل النوم، وسيبرالكس (10 مج إلى 20 مج)، أو إفكسور (75 مج إلى 150 مج)، ودواء ميرتازابين (15 مج إلى 30 مج)، وأدوية أخرى مساعدة، مثل: أتراكس (10 مج إلى 25 مج) أو ستيلنوكس 10 مج، ولكن تحت إشراف طبي من طبيب نفسي متخصص؛ لمتابعة تطور الحالة، والتدخل لمنع أي أفكار، أو سلوك قد يهدد سلامتك.
أختي الكريمة: تقولين أنك قرأت نصائح كثيرة عبر النت، وهنا نقول لك: حاولي ولا تيأسي ولا تقنطني، لكن عليك عدم جلد نفسك، وإنما خذي من كل شيء القليل، هذا القليل مع الاستمرار يصبح كثيرا، ويشعر الإنسان معه بالإنجاز، فمثلا: المحافظ على الصلوات الخمس، مع قليل من الرواتب، وصلاة الوتر ولو ركعة، وقراءة خمس صفحات من القرآن يوميا، مع كل صلاة مثلا صفحة، والمشي مثلا نصف ساعة، والاستماع لقصص إنجليزية عشرين دقيقة إلى نصف ساعة، ومطالعة فلم وثائقي مفيد أو برنامج ديني أو ثقافي مدة نصف ساعة، والجلوس مع الوالدين نصف ساعة، ومراجعة دروسك وبين كل 45 دقيقة تأخذين راحة 10 دقائق .. هذا يعتبر إنجازا عظيما.
إذا الأمر يحتاج منك إلى ثلاثة أشياء: الدعاء والصبر، وتنظيم وقتك، وعدم جلد نفسك، ويمكنك الجلوس مع المرشدة الأكاديمية لتقييم نفسك في تخصصك، لأن هناك بعض التخصصات يشعر الدارس لها كأنه متأخر، مع أنه في الحقيقة رائع ومتميز.
أسأل الله أن يمن عليك بالشفاء التام، وأن يجعلك من المتميزات دائما وأبدا.