السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الدكتور محمد عبد العليم.
أصبت بمرض نفسي منذ 2019م، بسبب أن طفلا ظلمني، ولم أعبر عن مشاعري في وقتها، فأنا شخصية كتومة، فظللت أحتقن في الليل، وأصابتني ضيقة في النفس، وألم في الفم، وشعرت بالاختناق.
ذهبت إلى طبيب نفسي، فوصف لي (اولانزبين 5mg) حبة ونصفا ليلا، ونصف حبة صباحا، وقد تحسنت حالتي، ووصف حالتي بأنها توتر بسبب ابتعادي عن الناس؛ حيث ظللت من قبل في عزلة بسبب أني كثير الغضب، فأصبحت لا أملك أي مهارات اجتماعية، بسبب أني كنت مدمنا على العادة السرية.
مؤخرا أصبحت أخاف من الذهاب إلى صلاة الجمعة، خوفا من أن تأتي ضيقة التنفس في المسجد، ولا أستطيع الخروج منه، فما هو تشخيص حالتي النفسية؟ ولماذا أتناول دواء لأمراض ذهانية؟ وما هو الدواء المناسب؟ حيث إني قرأت عن دواء سبرالكس، فهل هو الدواء المناسب لحالتي؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب.
حقيقة لم أفهم قصدك بأن سبب اضطرابك النفسي هو أن الطفل قد ظلمك، ولم تستطع أن تعبر عن مشاعرك، لكن عموما حالة الضيق في النفس والآلام والشعور بالاختناق: هذه نوبة قلق وتوتر؛ لأن التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي، والتوتر العضلي كثيرا ما يظهر في ضيق في النفس وشعور بالاختناق.
كان تقدير الطبيب أن الـ (أولانزابين Olanzapine) هو الدواء الأنسب بالنسبة لك، وبالفعل الأولانزابين يعطى لعلاج الأمراض العقلية والذهانية، لكنه أيضا يمكن أن يستعمل بجرعات صغيرة لعلاج التوتر والقلق النفسي، خاصة إذا كان القلق النفسي مصحوبا باضطراب في النوم، فيمكن أن يكون هذا هو تقدير الطبيب، لذا وصف لك هذا الدواء.
الآن أنت تتحدث عن أن شخصيتك شخصية كتومة، وأنك قد أصبت بما يمكن أن نسميه بنوع من الخوف أو الرهاب الاجتماعي الذي يجعلك تتجنب التجمعات مثل صلاة الجمعة، وأنك في المسجد تحس بضيق في التنفس، فأنا أرى أنه لديك نوع من القلق الرهابي الاجتماعي، هذا هو الذي يظهر لي من الناحية التشخيصية.
الرهاب الاجتماعي أفضل دواء لعلاجه هو عقار (سيرترالين Sertraline) والذي يسمى (زولفت Zoloft)، وكذلك عقار (باروكسيتين Paroxetine) والذي يسمى (سيروكسات Seroxat)، هذه هي الأدوية المثالية جدا لعلاج الرهاب الاجتماعي.
يأتي بعد ذلك عقار (سيبرالكس Cipralex) الذي ذكرته، كما أن عقار (فينلافاكسين Venlafaxine) والذي يعرف تجاريا (إفيكسور Effexor) أيضا يستعمل في حالات الرهاب الاجتماعي.
توجد عدة أدوية لعلاج الرهاب الاجتماعي كما ترى، وأنا أفضل أن تراجع الطبيب – يا أخي – ويمكن للطبيب أن يوضح لك تشخيص الحالة.
سؤالك لماذا الطبيب وصف لك الـ (أولانزابين) وهو دواء يستعمل للذهان؟ أعتقد أن هذا استفسار وسؤال منطقي جدا، يجب أن تسأله للطبيب، وأنا ذكرت لك الأدوية الممتازة التي تستعمل لعلاج الرهاب الاجتماعي.
أود أيضا أن أضيف أن الخوف الاجتماعي يعالج من خلال التحقير والتعريض، أي أن الإنسان يتعرض لمصدر خوفه، ولن يحدث لك أي شيء.
أخي الكريم: أنت حين تكون ذاهبا لصلاة الجمعة تذكر أن هذه فريضة عظيمة، وأن المسجد هو أطهر بقاع الأرض، وأنك تلتقي بالمصلين، وأن الملائكة تكتب في سجلات لها كل من حضر صلاة الجمعة، وأنك تحتسب الأجر، وأن الملائكة تحفك وتحف المصلين معك، لا بد أن يكون هنالك نوع من الإعمال الفكري الإيجابي للتخلص من هذا النوع من المخاوف.
بصفة عامة: ممارسة الرياضة، وممارسة تمارين الاسترخاء، ومنها تمارين التنفس المتدرج، وتمارين شد العضلات وقبضها؛ هذه مفيدة جدا، تقلل التوتر وتقلل الشعور بالكتمة والخوف، فاحرص على تطبيقها، وحين تزور الطبيب يمكن أن يحولك إلى الأخصائي النفسي الذي يمكن أن يدربك عليها.
بصفة عامة أيضا: احرص على القيام بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف منها أبدا، مشاركة الناس في أفراحهم، مثل الذهاب إلى الأعراس، مشاركة الناس في أتراحهم، كالمشي في الجنائز، وتقديمك واجب العزاء، وصلة الرحم، وزيارة المرضى...، هذه كلها فيها خير كثير، وتؤهل الإنسان من الناحية الاجتماعية، وتجعل الشخصية شخصية منفتحة وشخصية اجتماعية بصورة مميزة.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأسأل الله لك العافية، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.