السؤال
كنت خاطبا لفتاة ذات خلق ودين ودامت خطبتي ٣ أشهر، وكنا على اتفاق تام في كل شيء، وأنا أحبها كثيرا، وهي كذلك، سافرت إلى البلد الذي يقيم به أهلي لزيارتهم، وفور رجوعها إلى بلدها طلبت مني والدتي أن أفسخ خطبتي بها دون أي أسباب.
علما أنه لم يحدث أي شيء أثناء زيارتها لهم، ولم تبق هي أكثر من ٥ أيام عندهم، وكانت والدتي في غاية السعادة حينها، لكن لم أعرف السبب ولماذا طلبت هذا الأمر؟
علما أن شقيق الفتاة يكون زوج شقيقتي، وبيننا صلة قرابة، ووالدتي تعرف مخطوبتي من قبل، وقبل خطبتنا شاهدتها أيضا، وتكلمت معها وأنا لم أستطع أن أنس مخطوبتي.
حاولت التكلم معها عدة مرات من أجل أن أعود لمخطوبتي، وكل مرة تقول لي: أفعل الذي يحلو لك، وأنا لا أستطيع أنا أقدم على هذا الأمر دون الموافقة التامة منها، حاولت أن يتكلم معها أفراد العائلة لكن بلا فائدة!
كيف أقنع والدتي بأن أعود لمخطوبتي؟ فقد حاولت نسيانها ولم أستطع.
أرجو منكم المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يهدي الوالدة إلى الحق والخير، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
لا شك أن أمر الوالدة يحتاج منك إلى صبر، ويحتاج إلى اجتهاد في إقناعها، وإذا لم يكن للوالدة مبررات شرعية، أو أسباب شرعية في رفضها للفتاة فأرجو ألا تستعجل، وحاول أيضا أن تعوض تلك الفتاة التي ظلمت بغير سبب، تعوضها بأن تحرص على أن تتواصل مع أهلها بأنك حريص على أن تعود إليها، وفي المقابل أيضا ينبغي أن تجتهد في إقناع الوالدة، واجتهد في أن يكون للأخوال والخالات دور، أو للأعمام والعمات، أو الداعيات، أو كل من يؤثر على الوالدة، وأيضا الوالد لا بد أن يكون له دور إن كان موجودا، ومعلوم أن الاحتكاك بين الناس أحيانا قد يكون مجرد غيرة، فعالم النساء عالم يحتاج إلى من يفهمه.
على كل حال استمر في المحاولات، وتقرب إلى الوالدة، واجتهد في برها، وحاول أن تعرف ما هي مخاوفها، ما هي الأشياء التي تزعجها! وإذا كان بينكم تداخل وزواج، يعني أقربائك عندهم زواج وصلة قرابة بهذه العائلة؛ فهذا أيضا سيكون له آثار سلبية فينبغي أن تنتبهوا لها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكم على كل أمر يرضيه.
والآن أنت مطالب بأن تجتهد في إقناع الوالدة، وبعد ذلك مطالب بأن لا تظلم الفتاة، وإذا كنت تميل إليها وتميل إليك وهي صاحبة دين، والوالدة ليس لها أي سبب شرعي –نتكلم عن السبب الشرعي لها رأي في دين الفتاة-، أما غير ذلك فلست مطالبا أن تلتزم بما تريده الوالدة، ولكن من المهم جدا الاجتهاد في تخفيف حدة رفضها، أو الوصول بها إلى أن تكون محايدة، حتى تقول: (افعل ما تريده)، وبعد ذلك استمر في بر الوالدة والإحسان إليها، ولا تشعرها أبدا أنك تقدم الفتاة عليها؛ لأن هذا أيضا شعور مهم، وحاول أيضا أن تزيد من بر الوالدة؛ لأن هذا له أثر في دفع الغيرة الزائدة عند الوالدة.
إذا كانت هناك أسباب فأرجو أن تناقشها، وحاول دائما أن تنقل الخير بين أسرتك وأسرة الفتاة، بـ (أنهم يمدحونكم، ويثنون عليكم، وهي شاكرة لكم) يعني نحو هذا الكلام، وهذا الذي ينبغي أن يفعله المؤمن، يقول خيرا وينمي خيرا.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وهذا الموقف يحتاج منك إلى صبر وحكمة، ونسأل الله أن يهدي الوالدة إلى ما فيه الخير، وفي النهاية أنت صاحب القرار، ونتمنى أن يكون القرار الذي تتخذه تراعي فيه الأبعاد والآثار والعواقب ومآلات الأمور، وقبل ذلك رضا ربنا الغفور سبحانه وتعالى.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به.