ساءت علاقتي بوالدي بسبب نقص علاماتي الدراسية!

0 30

السؤال

السلام عليكم.

قصتي مع أبي وأمي، فأنا منذ صغري كنت أجد صعوبة في التعامل معهما، ولكن الموضوع لم يكن يهمني، فقد كنت دائما ما أسعى لتغيير نفسي ومساعدتهم، حتى أنني أعتذر وأطلب السماح سواء كنت مخطئة أم لا.

ولكن في فترة الامتحان النهائي الثانوي شعرت بألم في الرأس واشتد مع الوقت، أبلغت أمي وأبي ولكن لم يبادرا حتى باستشارة طبيب مختص، أو راق، أو مساعدتي في حل مشكلتي، رغم أنني كنت متفوقة، ومع مرور الوقت نقصت علاماتي، وفشلت في دخول تخصص أحلامي، تحملت الخسارة وحدي، ورغم هذا كنت أحاول دائما إرضاءهما، ولكن الأمر زاد سوءا، فأصبحا يلقبانني بالفاشلة، وبألفاظ لا أستطيع ذكرها لسيادتكم، ومواقف كثيرة من سب وشتم، وألفاظ أبشع.

حاولت التعايش كثيرا مع موضوع رسوبي، وحاولت تخطي الموضوع وإفهامهما أن هذا قدر من الله تعالى، وما علي إلا الرضا والسعي فيما رزقني، ولكن دائما ما يقابلانني بأنني المشكلة، وأن الخطأ مني، مع أنني والله وضعت كل طاقتي وجهدي ولكن الخير فيما اختاره الله.

محاولتي الدائمة في التحدث مع أبي وأمي وإفهامهما وشرح موقفي لهما دائما ما ينتهي بمشكلة، يشهد الله أنني حاولت كثيرا حتى تعبت نفسيتي، لم أعد أجد أي مشاعر حب لهما، فصرت أبتعد عن المحادثات وتجمعات العائلة وأكتفي بنفسي، أنجز ما علي إنجازه حتى لا تحدث المشاكل، حتى أنني لم أعد أتحدث عن حياتي لهما، وأكتفي بالصمت، فهل هذا يكفي؟ فأنا لا أريد إغضاب ربي ولا أريد أن أكون عاقة، فهل سأحاسب على كرهمهما رغم إنجاز واجباتي اتجاههما؟ وكيف أعلم نفسي الرضا التام بقضاء الله؟

شكرا على وقتك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دارين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في هذا الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على بر الوالدين، وذلك واجب من واجبات الشريعة، ربطه الله بعبادته فقال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23]، وقال سبحانه: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} [النساء: 36]، فنسأل الله أن يعينك على أداء هذا الواجب على الوجه الذي يرضي الله -تبارك وتعالى-.

ولا يخفي على -ابنتنا الفاضلة- أن التقصير إذا كان من الوالد أو من الوالدة فإنه لا يبيح لنا التقصير؛ لأن البر عبادة لله -تبارك وتعالى-، والإنسان عليه أن يحسن ويؤدي ما عليه، وقد سعدنا بأنك تقومين بالواجبات كاملة، لكننا نطلب منك المزيد؛ لئلا تعزلي نفسك بالطريقة المذكورة، وحاولي أيضا أن تكوني إلى جوارهما ولو لبعض الوقت، وتعايشي مع الوضع، ولا تهتمي أو تغتمي للكلمات التي تسمعينها منهما، فإن مقامك عندهما رفيع، وهم لا يعرفون أنهم أيضا لهم علاقة بهذا التدني بهذا الذي حدث، ولكن الإنسان لا بد أن يصبر، واجتهدي دائما، واعلمي أن الصبر عليهما لون من البر لهما، وهو رفعة لك عند الله -تبارك وتعالى-.

والإنسان ينبغي أن يرضى بقضاء الله وقدره، ويدرك أن الخير فيما اختاره الله -تبارك وتعالى-، والسلف كانوا يقولون: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).

إذا كان الوضع بالطريقة المذكورة فأرجو أن تؤدي واجباتك، ثم قبل ذلك واجباتك تجاه ربك، وعمري وقتك بتطوير مهاراتك وبمراجعة دراستك، واجعلي حظا من هذا الوقت أو جزءا منه معهما، والإنسان لم يختر والديه، ولكن يستطيع أن يسعد في كل الأحوال إذا كان راضيا بما يقدره الله -تبارك وتعالى-.

وأرجو ألا تقفي طويلا أمام مثل هذه المواقف، وأشغلي نفسك بعلاج الخلل الذي حدث، كأن تعملي جدولا للمذاكرة، واجتهدي في دراستك، وكوني دائما في مواضع رضاهما، أنت بلا شك تعرفين ما الذي يرضيهما وما الذي يحزنهما، وإذا كان منهما تجاوز –كما قلت سب وشتم- فعند ذلك يبقى دور النصيحة إذا تمكنت منها، والنصيحة مع الوالدين أمرها مختلف، لا بد أن تغلف باللطف (يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ... يا أمي ... يا أمي ...) بهذا اللطف، وتختارين الأوقات المناسبة، والألفاظ المناسبة، وإذا كان هذا صعبا عليك ولك خالات أو عمات يمكن أن يؤثروا عليهما، فلا مانع من أن توصلي النصيحة عن طريقهم، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

ونحب أن نؤكد أنه مهما كان التقصير من الوالدين حتى في حق الله فإن حقهما يبقى، قالت أسماء رضي الله عنها: (قدمت علي أمي ‌وهي ‌مشركة، في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستفتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: وهي راغبة أفأصل أمي، قال: نعم صلي أمك)، فحق الوالدين عظيم، وهو لا يسقط مهما كان التقصير منهما؛ ذلك لأن هذه عبادة لله -تبارك وتعالى-، فنسأل الله أن يعينك على الخير.

نكرر الشكر على هذا السؤال، ومحاولة الفهم لهما ينبغي أيضا أن تختاري أوقاتها المناسبة، وتبيني لهما مشاعرك النبيلة، والمشاعر السالبة يكفي كتمها وعدم إظهارها، وتعوذي بالله من شيطان يغرس مثل هذه المعاني السالبة في النفوس، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان.

شكرا لك على هذا السؤال الذي يدل على حرص منك على الخير، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

مواد ذات صلة

الاستشارات