السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ الصغر أعاني من رجفة شديدة، وشلل تام للجسم والعقل عند أي مواجهة مع الآخرين، وأحيانا تصل للبكاء بدون سيطرة وبدون داع لذلك.
مع العلم أني -الحمد لله- أمتلك القوة الجسمانية، ولكن عقلي عند المواجهات يتوقف وجسدي يرتعش، وقلبي يكاد ينخلع بمجرد التفكير في المواجهة، ولكني اجتماعيا لا أهاب، وأتكلم أمام الأعداد الكبيرة بشكل طبيعي، ولا أخاف، فقط هذا يحدث عند المواجهات التي يكون فيها نزاع، أو احتمال للاشتباك الجسدي، أو اللفظي مع الآخرين.
علما أني لست عدوانيا، ولا أحب المشاكل، وأبتعد عنها التزاما لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن أحيانا لا بد من المواجهة بقوة.
ماذا أفعل؟ وما هو العلاج؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
بالفعل أنت ليس لديك أي نوع من الخوف أو الرهاب، أو القلق الاجتماعي، والذي لديك هو زيادة في التحفيز من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي، أو ما يعرف بجهاز السيمباساوي.
زيادة في التحفيز: بمعنى أنك عند المواجهات التي تتطلب فعلا جسديا يتمثل في قوة عضلية تحصل لك هذه الظاهرة، أي ظاهرة الرجفة، وما وصفته بالشلل التام للجسم، هذا من شدة اليقظة، ومن شدة الاستعداد.
هنالك بعض الناس على هذه الشاكلة، ربما يكون الأمر لديه علاقة بمفاهيم خاطئة في الصغر، أو شيئا من هذا القبيل، أو قد تكون شاهدت مثلا أناسا تتعارك، وتغلب أحدهم على الآخر، أو شيئا من هذا القبيل، هذه ليست علة مرضية، ويعرف من التجارب إذا وضعنا فرضية أن الإنسان قابله أسد، فلديه خيار أن يهرب، ولديه خيار أن يقاتل هذا الأسد، وفي كلتا الحالتين سوف ينشط الجهاز العصبي اللاإرادي، ويفرز مادة الأدرينالين، وهذه المادة تقوي من ضخ القلب للدم بقوة شديدة، وبتسارع وأهمية ضخ الدم بهذه الكيفية هو أن يحصل ارتواء لجميع العضلات التي يستعملها الإنسان في الشجار، أو في الهروب، وهي نفس العضلات؛ لأن ارتواء العضلات بالدم بهذه الكيفية يزيد من وجود الأوكسجين، والأوكسجين هو الذي يمثل الطاقة، فالعملية عملية فسيولوجية مائة في المائة.
إفراز الأدرينالين بمستويات عالية كهذه له عيب؛ فقد يؤدي إلى الرجفة، وقد يؤدي إلى خفة شديدة في الرأس لدرجة أن الإنسان يشعر أنه سوف يفقد التحكم في الموقف، وربما يصاب أيضا بنوع من الانهيار الشكلي في عضلات الجسد كما يحدث لك، فإذا هي عملية فسيولوجية، أرجو أن تكون قد تفهمت هذا الأمر، ولا أعتبرها مرضا.
أخي الكريم: يجب أن تستعيد ثقتك في نفسك، وأنك -إن شاء الله تعالى- تستطيع أن تحمي نفسك دون إشكاليات، وكما تفضلت أنك لا تحب المشاكل، ولا تحب أن تقاتل أحدا، هذا في حد ذاته خصلة طيبة، وشعور جميل جدا.
في بعض الأحيان ننصح بعض الناس أن يتناولوا عقار اندرال إذا تكررت لديهم هذه الحالات؛ لأن الاندرال يخفض من نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، والاندرال يسمى علميا بروبرننول، يمكن للإنسان أن يتناوله بجرعة 20 مليجرام صباحا و20 مليجرام مساء، لمدة أسبوعين، ثم 10 مليجرام صباحا ومساء لمدة أسبوعين، ثم إذا حدثت الضرورة، وتكررت نفس هذه الظاهرة أيضا يمكن للإنسان أن يتناوله.
طبعا أيضا لا بد من ممارسة الرياضة بانتظام، وأن تعرض نفسك في الخيال لهذه المشاهد والمواقف، تصور أن أحدا قد اعترض طريقك، وأنك قد تجنبته وأسمعته الكلمة الطيبة، لكنه كان مصرا على المواجهة، فهنا بدأت تحفز جسدك، أو قاومته دون أي جهد، عش مثل هذه المواقف -أخي الكريم-، أو مثلا أتيت صدفة ووجدت شخصين يتعاركان، وقمت بفض هذا النزاع، هذا أيضا يتطلب منك جهدا، وكنت متخوفا أنك قد تفشل في فض هذا الذي حدث بين هذين الشخصين، ولكنك في الآخر نجحت كثيرا بفضل الله تعالى.
عش هذه المشاهد بشيء من التفصيل في خيالك، هذا نسميه التعرض في الخيال.
وأيضا أخي الكريم: مارس رياضة تشد من عضلاتك، وحين تلاحظ أنه قد تم لك بناء عضلي جيد فهذا سيعطيك الثقة، لا أقول لك ذلك؛ لأني أريدك أن تقاتل الناس، لا، لكن لمجرد الشعور أنك صاحب مقدرات جسدية ممتازة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا. وبالله التوفيق والسداد.