تكاثر الديون والهموم علينا هل هي دليل غضب إلهي؟

0 38

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في السابعة عشرة من العمر، تعاني عائلتي من ظروف مادية صعبة، قام أبي بأخذ قرض من أجل بناء منزلنا، ليرده على مدى 25 عاما، وكان ذلك القرض ابتلاء من الله علينا.

في البداية كان الوضع محتملا؛ فقد أصبحت معتادة على ذلك، ولكن بعد عدة سنوات أصبحت ديوننا كثيرة، ولم نعد نستطيع تغطية تكاليف الدراسة، وخاصة أن أختي تستعد لإنهاء المرحلة الثانوية، والذهاب إلى الجامعة، إلى جانب الفواتير التي يجب دفعها.

أنا أشفق على أبي؛ لأني أراه مهموما دائما، وغارق في التفكير، بعد أن كان الشخص الذي يواسيني دائما، ويجلب البهجة للبيت.

أما أمي: فهي تستمر بالضغط عليه، فتتوتر الأجواء، كما أن الشجار أصبح شيئا يوميا في بيتنا.

أشعر بأنني عاجزة، وأن جميع الأبواب مغلقة في وجهنا، لا أعلم ماذا أفعل؟ أشعر بأن الهموم تثقل كاهلي، مع انخفاض مستواي الدراسي.

فهل الله غاضب علينا؟ رغم أن أبي وأمي لم يتركا صلاتهما ولو لمرة، وأننا عائلة محافظة ومحترمة، ولم نؤذ أي أحد من قبل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونحيي مشاعرك النبيلة تجاه الوالد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لكم فيما رزقكم، وأن يملأ دياركم بالخير والمال، وأن يرفع هذا الهم عن الوالد وعنكم، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن دعم الوالد معنويا، والوقوف إلى جواره، وتشجيع الوالدة على الصبر أمر في غاية الأهمية، ونحن علينا أن نكثر من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ونحافظ على الصلاة، ونكثر من النوافل، ونكثر من الصلاة على النبي ﷺ؛ لأن فيها ذهاب الهموم، ومغفرة للذنوب، ونكثر من الاستغفار؛ فإنه باب للرزق، {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} [نوح: 10-12].

والأمر الثاني الذي ينبغي أن نركز عليه: هو أن الصالح يبتلى، والطالح يبتلى، ولكن المؤمن رابح في كل الأحوال، و(‌عجبا ‌لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، وهذا فضل عظيم من الله علينا:

إذا مس بالسراء عم سرورها ... وإن مس بالضراء أعقبها الأجر
وما منهما إلا له فيه نعمة ... تضيق بها الأوهام والبر والبحر

واعلمي أن مجرد الهم والحزن لا يقدم ولا يؤخر، فالإنسان لا بد أن يعمل عملا إيجابيا، كرفع المعنويات، والتوجه إلى رب الأرض والسماوات، ومساعدة الوالد والوالدة في توفير ما يمكن توفيره، وتشجيعهم، ودعوتهم إلى أن ينظروا إلى من هم أقل منهم، والتوجه إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن أمر الديون صعب، ولكن باللجوء إلى الله تبارك وتعالى، والتوجه إليه يفتح الله أبواب الرزق.

وأيضا لابد من إعادة ترتيب الموارد المالية، وتوفير ما يمكن توفيره، والاكتفاء بالأمور الأساسية؛ فهناك أشياء كثيرة، وإجراءات لا بد من اتخاذها، وكوني أنت حريصة على مواساة الوالد، وتصبير الوالدة، وتشجيعها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوسع لكم في الرزق، وأن يعيننا جميعا على كل أمر يرضيه، ولتستمر العائلة في ارتباطها بالله، في حسن تعاملها مع خلق الله، فإن هذا من أبواب الخير الكبرى والعظمى.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقكم من فضله، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات