السؤال
السلام عليكم
أنا للأسف مبتلى بذنوب العادة السرية والإباحية، وبعد بحث وكثرة تعثر وجدت أن الذي يوقعني في هذين الذنبين هو ميل قلبي لهما، نفسيتي تعبت، وإيماني يقل بسبب هذين الذنبين، ولكن نفسي تميل للمعصية، والقلب يحن لها، وضميري يؤنبني، ويقول لي: أنت لا تتوب بشكل صحيح، وأنا أعلم أن الله غفور رحيم.
كل مرة أعود لهذين الذنبين، ولا أعرف هل أتوب بما يرضي الله، أم أن توبتي لا تستوفي شروطها؟ و-الحمد لله- أنا محافظ على فروضي ونوافلي، وأحفظ القرآن، ولكن بسبب هذين الذنبين أتكاسل عن الطاعات، وحسبي الله ونعم الوكيل، تعبت وإيماني يضيع بسبب هذا، وقلبي يحن كل مرة للمعصية.
أرشدوني، ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أخي الكريم: شعورك بالألم ورغبتك في التوبة دليل خير في قلبك، وعلامة على نفسك اللوامة التي تدفعك للخير والتخلي عن هذه الذنوب القبيحة، وهذا الشعور بادرة خير، ينبغي أن يكون بالنسبة لك دافعا قويا لتحقيق التوبة النصوح، من هذه الذنوب.
اعلم أخي- وفقك الله- أن الشيطان يريد أن يشعرك بعدم جدوى التوبة مع تكرار الذنب، أو أن تمارس الذنب وأنت تحفظ القرآن أو تصلي، وهذا الأمر يفضي إلى القنوط ثم إلى الانحدار في معاص أخرى -والعياذ بالله- فمما لا شك فيه أن الوقوع في الذنب مع استقباحه في النفس والرغبة في التوبة، أهون من ممارسة الذنب والفرح به والاعتياد عليه.
جاء في الصحيحين عن سلمان -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكيه عن ربه -تبارك وتعالى- قال (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء).
واعلم أخي الكريم، أن ممارسة هذه العادة ومشاهدة الإباحيات ما هي إلا نتيجة لشيء واحد، وهو إطلاق البصر في الحرام، فعندما يطلق الإنسان بصره يبدأ القلب يتمنى ويتخيل ذلك المنظور إليه، ثم يبدأ بالرغبة في الوصول إليه، فإن لم يستطع الوصول إليه بالحلال بحث عنه في الحرام، ولا يحجز الإنسان عن ذلك إلا التقوى.
لذلك يربط القرآن بين غض البصر وحفظ الفرج، قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) فلا بد أن تغلق على الشيطان باب النظرة المحرمة ليتوقف كل ما تجد، وغض البصر -عن كل ما حرم الله- أمره يسير لمن صدق في توبته، ورغب في صلاح قلبه.
أخي الفاضل: ابتعد عن كل ما يذكرك بالمعصية أو يقربها لك، سواء مواقع التواصل الاجتماعي أو أصدقاء السوء، أو أماكن تنتشر فيها الفواحش، واجتهد في بناء قلبك وتطهير نفسك بالإكثار من الأعمال الصالحة، وقراءة القرآن وطلب العلم، وسائر الأنشطة المفيدة، كالرياضة وغيرها من الأعمال التي تشغل جل وقتك، حتى لا يبقى متسع للتفكير في هذه العادة السيئة.
بادر إلى تثقيف نفسك بمخاطر هذه العادة والأفلام، وما تسببه من مشاكل صحية وعقلية وروحية، فإبراز الجانب السلبي لهذه العادة وتلك الأفلام يكسر حاجز المتعة الوقتية التي تحولها لعادة، وهذا يساعدك على استقباحها، ومن ثم تركها بعون الله تعالى.
كذلك حاول قدر المستطاع أن تبتعد عن الخلوة من دون أي عمل نافع، وعدم الإكثار من الأكل، لأن كل ذلك يساعد في إثارة النفس، ويحرك مكامن الشهوة فيها.
عزز ثقتك بنفسك من خلال طموحك إلى تحقيق أهداف راقية، كطلب العلم، واكتساب مهارات ترتقي بك، فالمسلم أرقى وأسمى أن تأسره هذه العادة أو يستسلم لتلك الأفلام الوضيعة، فتأخذ من وقته وحياته وتشغل عقله وقلبه.
أخيرا -أخي الفاضل- لا تزال في مقتبل العمر، فبادر إلى التوبة والأعمال الصالحة، واصنع من نفسك شخصية متميزة.
وللفائدة راجع هذه الاستشارات المرتبطة: (15854 - 2147532 - 15551 - 225312 - 2134074)، وهذه كذلك: (3731 - 26279 – 268849 - 283567 - 278632).
أسأل الله أن يطهر قلبك، ويشرح صدرك للخير.