السؤال
السلام عليكم..
بارك الله بكم على مجهوداتكم الجبارة والمبذولة.
قصتي بدأت منذ عام 2020، حيث أصبت بالتهاب المسالك، وبدأ لدي ألم في الخصية اليمنى، وأنا بطبيعتي شخص موسوس فكريا، فذهبت وبحثت في جوجل، فأظهر أن عندي أعراض سرطان الخصية، فأصبت بصدمة، ونوبة هلع رهيبة، وأصبحت قلقا لشهور، وأصبحت أتردد على أكثر من طبيب لمعرفة حالتي، وكلهم يطمئنونني، ويقولون لي: بأني سليم.
ولأني كنت موسوسا، فقد أصبح الأمر معقدا، وهو أنني بعد الصدمة بدأت معي أعراض جسدية غريبة، آلام في اليدين والرجلين، مع سخونة في الرجلين إلى الأفخاذ، وارتجاف حزمي حميد في جل مناطق الجسم، مع ارتفاع في نبضات القلب، لدرجة أنني أشعر بها في جسمي كله، مع توتر مزمن، وقلق، وتفكير مفرط، ووخز في أنحاء متفرقة من الجسم أحيانا، وأحيانا أخرى كان يأتيني شد عضلي في رجلي اليمنى، مع دوخة خفيفة، وزيادة ملحوظة جدا في نشاط الجيوب الأنفية، مع نوبات هلع ليلية، وحتى عندما أكون بوعيي، وغيرها من الأعراض الغريبة جدا، وهذه الأعراض تزيد عند السهر.
شفيت من التهابات المسالك تماما، ولكن هذه الأعراض التي كما أقول عليها: نفسوجسدية لا زالت مستمرة معي، وتؤثر على حياتي من جميع النواحي، ومستمرة معي حتى هذه اللحظة، رغم أنني اتخذت عدة إجراءات لتحسين حالتي: من دخولي للجيم، وممارسة الرياضة، مع نظام غذائي صارم، وجدول يومي، وضبط لعادات النوم، لكن هذه الأعراض تؤرقني، وتنغص علي حياتي.
سألت عنها دكتور أعصاب، فقال لي: حالتك هي CMD، لكني غير مقتنع، وأنا حاليا لا أتعاطى أي دواء لها.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي: نحن كل شكوى ننظر إليها باعتبار شديد ودقيق، وحتى شكواك هذه، وإن كانت من الوهلة الأولى تحمل مؤشرات تشخيصية معينة بالنسبة لنا في الصحة النفسية، وعلوم الطب النفسي، والعلوم السلوكية، لكن كل كلمة في رسالتك نعطيها اعتبارا -إن شاء الله تعالى-.
أخي: بعض الناس لديهم في الحقيقة شيء من الاستعداد، لا أقول التوهم، لا، إنما التوجس، وارتفاع اليقظة في وظائفهم الفسيولوجية والجسدية، للدرجة التي تجعلهم يرتابون كثيرا حول صحتهم، وهذا كثيرا ما يؤدي إلى ما يسمى بالمراء المرضي؛ بمعنى أن الإنسان يكون دائما مشغولا بعرض ما، ويعتقد أن لديه أمراضا ما: كالسرطان، وغيره، والبعض يتنقل بين الأطباء، وهذا نشاهده كثيرا في زماننا؛ لأن الأمراض قد كثرت، وموت الفجأة قد كثر.
كما أن المعلومات الطبية قد كثرت، وبالرغم من الفوائد التي تجلبها للناس، إلا أن ذلك فيه ضرر؛ لأن الكثير من الناس يقرؤون معلومات ليست دقيقة، وليست صحيحة، ويطلعون على تجارب مرضى آخرين، وذلك من خلال الإنترنت، وهذا قد يؤدي إلى كثير من ظواهر التوترات الداخلية، والتخوفات المرضية.
أخي الكريم: من الواضح جدا أن حالتك نفسوجسدية، لا شك في ذلك، فأنت لديك شيء من قلق المخاوف، وقلق المخاوف الذي لديك حقيقة هو قلق وخوف من المرض، وخاصة الأمراض، مثل: السرطانات، وخلافه، وكانت البداية -كما تفضلت- عام 2020، حين أصبت بالتهاب المسالك البولية، وأصابك هذا الارتياب أنه ربما يكون لديك سرطان في الخصية، وكانت مرجعيتك هي معلومات مكتوبة في جوجل، وكما ذكرت لك هذه إشكالية كبيرة؛ فالتشخيصات أيا كانت يجب أن تتم عن طريق الأطباء.
والعلاجات -أخي الكريم- هي كالآتي:
أولا: الإنسان يجب أن تكون له قناعات مطلقة أن ما يصيبه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، هذه حقيقة.
ثانيا: الإنسان دائما يجب أن يكون حريصا على الدعاء؛ فالدعاء عظيم جدا، كذلك الأذكار -أذكار الصباح والمساء-، وأذكار ما بعد الصلوات، وغيرها، والإنسان يكون لديه ورد قرآني يومي؛ فهي تبعث في النفس طمأنينة كبيرة جدا، وهذا مجرب.
الأمر الآخر: هو أن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب تجنب السهر، وممارسة الرياضة، والغذاء الصحيح، وأنت -والحمد لله تعالى- لديك محاولات طيبة في هذا الأمر، فاجعل حياتك على هذا النمط الصحي.
وأيضا على الجانب الاجتماعي: احرص على أن تؤهل نفسك من خلال: الحرص على الواجبات الاجتماعية، ومشاركة الناس في المناسبات -في أفراحهم في أتراحهم-، ومشاركة الأعراس، وزيارة المرضى، والمشي في الجنائز، وتفقد الأرحام والجيران، والجلوس مع الأصدقاء، هذه تمثل ترويضا إيجابيا جدا للنفس، حيث تنصرف حقيقة أفكار الإنسان عن المرض وعن توهماته.
أيضا في ما يتعلق بعملك: لا بد أن تطور ذاتك، وعليك بالاطلاع والقراءة، واكتساب المعرفة، وأن تضع لنفسك أهدافا قريبة المدى، وأهدافا متوسطة المدى، وأهدافا بعيدة المدى، وأن تضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك.
وحتى تكتمل هذه الإرشادات لا بد أن أصف لك أحد الأدوية المضادة للقلق والمضادة للاكتئاب، وهذه جربت ووجدت أنها مفيدة جدا في مثل هذه الأعراض، بالرغم من أنه ليس لديك اكتئاب، أنا أؤكد لك هذا.
ومن أفضل الأدوية التي يمكن أن تتناولها، عقار يسمى: استالبرام سيبرالكس، تبدأ في تناوله بجرعة 5 مليجرام، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرام، تتناولها يوميا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها حبة، أي 10 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها 20 مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى 10 مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها 5 مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم 5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
والدواء الآخر: وهو دواء داعم وممتاز جدا، وهو دوجماتيل، والذي يعرف علميا باسم سلبرايد، تناوله بجرعة كبسولة صباحا ومساء، وقوة الكبسولة 50 مليجرام، تناولها صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم 50 مليجرام صباحا لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
أرجو أن تتوقف تماما من التنقل ما بين الأطباء، لكن في المقابل يجب أن تكون لك فحوصات دورية، اذهب إلى طبيب الأسرة، أو إلى أي طبيب تثق فيه، قابله مثلا مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر لإجراء الفحوصات العامة؛ فهذا يبعث فيك الطمأنينة كثيرا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.