السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي مشكلة مع زوجي، لنا سنتان ونصف متزوجان، ولدينا ابن، ولكن لا يوجد بيننا تفاهم، هو إنسان مشغول بعمله، ومقصر في حقي، كثير الانتقاد، لا يحب أن يسمعني؛ لأنه يرى بأني لا أعرف متى أتكلم! لا يتحمل مني أي انتقاد، مع أنه ينتقدني بشكل يومي.
وصلت لحالة أني لا أستطيع النوم لكثرة الحزن والبكاء، ولا أستطيع تربية ابني الصغير، وغالبا ما أخرج غضبي فيه؛ لأني لا أستطيع أن أتحكم في أعصابي! أشعر بالغضب الشديد تجاهه، أكرهه، وأكره الزواج، وأكره هذا الوضع!
المشكلة أننا في غربة، وهو يرجع آخر النهار، ولا يريد أن يسمع شيئا، ولا يريدني أن أخبر أحدا بمشاكلنا.
أنا أريد أن أنفصل عنه لكي أعيش حياة ونفسية سوية، ماذا أفعل؟ كيف أتصرف وأقنعه بالطلاق؟ هل أخبر أهلي أم أهله؟ لا أستطيع أن أقوم بأعمالي اليومية، وأقصر بعبادتي بسببه، ودائما يتهمني بالتقصير، وعندما يجرحني أو يحزنني يريد مني أن أصالحه، أخشى على نفسي من المرض والفتنة بسببه! أريد أن أنفصل عنه، لكي أنشغل بديني وعبادتي وتربية ابني تربية سوية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك مع الموقع وثقتك فيه، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالك كلها، ويديم الألفة والمودة بينك وبين زوجك، ويذهب عنكم أسباب الخلاف والشقاق.
والحياة الزوجية -أيتها البنت الكريمة- لا بد أن تبنى على المقارنة بين المنافع والمفاسد، وبين الخير والشر، فهذه الحياة لا تخلو أبدا من منغصات، ومن ذلك الحياة الزوجية بين الزوجين، وتقل هذه المنغصات أو تكثر بحسب حال الزوج وظروف عمله، والأحوال المعيشية التي يعيشها.
فأنا أنصحك بأن لا تتعجلي في قرار الطلاق والفراق، وأن تتخذي من الوصايا النبوية منهجا تتعاملين به مع زوجك؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالمقارنة بين المساوئ والمصالح، فقال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، ومعنى (لا يفرك) لا يبغض، فينهى الزوج عن أن يبغض زوجته لمجرد وجود بعض العيوب فيها، ويخبر بأنه وإن وجدت فيها عيوب فإن فيها محاسن لا بد من استحضارها والموازنة بينها وبين المفاسد.
وهذا التوجيه الذي وجه به النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل، يقول العلماء هو أيضا توجيه للمرأة، فينبغي ألا تتسرع وتقع فريسة لدعوة الشيطان، فالشيطان حريص كل الحرص على تفريق الأسرة وهدمها بعد بنائها، وقد جاء في الحديث وصف الجهود الشيطانية للتفريق بين الزوجين، وأن الشيطان ينصب عرشه على الماء ثم يبعث جنوده وسراياه؛ فيأتي الواحد منهم ويقول: (فعلت وفعلت وفعلت)، فيقول: (ما فعلت شيئا)، حتى يأتي واحد فيقول: (لم أزل بفلان حتى فرقت بينه وبين زوجه)، فيقول له: (أنت، أنت)، أو (نعم أنت).
فهذا الهدف الذي يسعى إليه الشيطان، هو التفريق وهدم الأسر بعد بنائها وتعريضها للضياع والشتات، وأول من يجني هذه الآثار المرأة ثم أبناؤها.
فنصيحتنا لك أن تتمهلي قليلا، وأن تعلمي أن الصبر عاقبته حسنة، فالصبر مثل اسمه مر مذاقته، لكن عواقبه أحلى من العسل.
فنصيحتنا لك أن تبادري زوجك بعبارات الحب، وتحاولي أن تظهري له منزلته عندك ومكانته لديك، والجهود التي يبذلها من أجلك وأجل الأسرة، وأنك تعلمين هذا. فهذه الكلمات الطيبة من شأنها بلا شك أن تغير نفسية زوجك تجاهك، فإذا كانت الكلمات الطيبة تحول العدو إلى صديق، كما قال الله تعالى وجل: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]، فإذا كان هذا بين الأباعد فكيف به بين الزوجين.
فإذا لم تكن أسباب إلا ما ذكرت في الاستشارة من كون الزوج مشغول، وكونه لا يبادلك الكلام الجميل ويدخل عليك السرور، فهذه عيوب يمكن إصلاحها، ومن السهل التغلب عليها. ابدئي أنت بمحاولة التقرب من زوجك، واصبري واحتسبي، واعلمي أنه لا يزيد الله تعالى عبدا بعفو إلا عزا، فمن تواضع لله رفعه الله ويسر له أمره.
هذه نصيحتنا، ونرى أنها -بإذن الله تعالى- ستؤتي ثمارها، وسنسمع منك في المستقبل القريب أخبارا طيبة سارة.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.