السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 20 سنة، لكنني شخص انطوائي، لا أحب التكلم مع أي شخص، وخصوصا والدي، مع أنني أحاول التقرب منهما، لكني أرى بأن كل محاولاتي فشلت، أعلم بحبهما لي، لكن طريقتهما في التعامل معي سيئة جدا! يلوماني على كل شيء، ودائما يلقباني بالفاشل، مع أنني الآن -والحمد لله- في كلية الهندسة، لكني كرهت كل شيء في حياتي! وأنا أعني طريقتهما في التعامل معي، أعاني من المشاكل النفسية بسببهما، لا أستطيع التعامل مع زملائي في الدراسة، وأجد نفسي عصبيا دون قصد، وقد لاحظ من حولي هذا!
أمي صارحتني أنها بالفعل حرمتني من حنانها وحبها؛ لأنها تكرهني منذ صغري، عندما كان عمري 4 سنوات؛ لأنني كنت أسبب لها المشاكل، لذلك كرهت حياتي، ولا أريد التعرف على الناس، حتى أنني قررت عدم الزواج، ووصل بي الأمر للاكتئاب الشديد، لدرجة التفكير بالانتحار!
وفي يوم غضبت لدرجة الانفجار عليهما، وقلت لهما: (أنتما السبب في كل شيء في حياتي، لا أستطيع التعامل مع الناس؛ لأنكما جعلتماني انطوائيا، والآن تشتكيان من هذا الشيء، وتلوماني على أني لا أستطيع العمل)، مع أني حاولت، وأنا أدرس الهندسة، لكني فشلت في الموازنة بين الدراسة والعمل، وأبي قال لي: لا تعمل وتفرغ للدراسة، ولكن أمي دائما تلومني على هذا الشيء، لدرجة أنني لا أستطيع الدراسة والتركيز في حياتي، لا أعرف ماذا أفعل!
هل أعتبر عاقا بهذا التصرف؟ وهل الله غاضب علي؟ وهل أنا شخص سيئ؟ لا أعرف ماذا أفعل؟ حتى صلاتي متقطعة بسبب اكتئابي، وهما لا يساعداني!
أرجو مساعدتي؛ لأنني أخاف من غضب الله، وأخشى أن أكون شخصا سيئا وأنا لا أعلم!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك ولوالديك الصحة والعافية.
أولا: الحمد لله أنك وصلت لهذه المرحلة من التعليم، وهذا إن دل إنما يدل على أن قدراتك العقلية بخير، وأنك من الطلاب المجتهدين.
ثانيا: لا شك أن نجاحك وتفوقك قد أفرح وأسعد والديك، ونتمنى أن تفرحهما وتسعدهما دائما.
ثالثا: المشكلة التي تعاني منها والتي تتمثل في الانطواء والعزلة وعدم مخالطة الناس، ليست من المشاكل المستعصية التي يصعب حلها، وليست من المشاكل التي تدفع إلى التفكير في الانتحار، أو تؤدي إلى كراهية الوالدين، فأنت الآن أكثر نضجا ومعرفة وعلما، وتستطيع أن تبني علاقات وصداقات جيدة مع من حولك، إذا كانوا من الأقرباء أو الزملاء، الذين تجد فيهم ما يشابه أو يتفق مع اهتماماتك وآرائك.
كل ما في الأمر هو أن تخرج من هذا النفق المظلم، وتبعد الأفكار السلبية عن نفسك وعن والديك، وتبدأ في وضع أهداف حياتية جديدة، تحقق لك ما تتمناه في هذه الدنيا، وأيضا ما يحقق لك سعادة الآخرة.
ابننا العزيز: طبيعة الإنسان أنه كائن اجتماعي، ولذلك لا تستعجل في الحكم على بعض العلاقات، مثل: العزم على ترك الزواج وما إلى ذلك؛ فكل ذلك يأتي في حينه، فأما الآن فأنت طالب علم، ما عليك إلا أن تجتهد في هذا السبيل لتكميله -إن شاء الله- بالدرجة التي تفرح الكل.
ابننا العزيز: أنت مطلوب منك بر والديك ومعاملتهما بالتي هي أحسن، حتى وإن سمعت منهما ما لا يرضيك، وحاول أن توازن بين رغباتهما وبين ما تستطيع عمله، وناقشهما بهدوء وطيب نفس، هذا أوقع في نفسيهما من السخط عليهما أو اتهامهما بأنهما السبب في مشاكلك، واترك أمر حسابهما لله، هو الذي يحاسبهما على أفعالهما ونواياهما.
ولا بد أن تفكر بأن رضا الرب في رضا الوالدين، والسمع والطاعة للمرء فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، واعتبر أي معاملة سيئة من قبل الوالدين هي بمثابة الامتحان والابتلاء لك، وبقدر صبرك -إن شاء الله- يعظم الأجر -بإذن الله-.
وسيأتي اليوم -بإذن الله تعالى- الذي يفخران بك فيه، وترفع رأسيهما بدرجاتك العالية في العلم وفي الأخلاق، والله الموفق.