السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة هندسة صناعة ولوجستيك، وأدرس في مدينة أخرى غير المدينة التي يتواجد بها والدي، ولدي العديد من الأسئلة:
أولا: كيف أتعامل مع القرآن الكريم؟ بحيث لا أكون مقصرة في حقه، وأنتفع به أكبر انتفاع؟
ثانيا: أحس بإعجاب -أحيانا- نحو بعض من يدرسون معي، فماذا أستطيع القيام به للتخلص من هذا الأمر؟ لقد بحثت سابقا، ووجدت أن الحل هو الزواج، لكن لا يتقدم لي أحد حاليا.
قرأت مقالات، وشاهدت فيديوهات، وتعلمت من خلالها أن الأنثى مكانها البيت، وأنها يجب أن تهتم أكثر بطلب العلم الشرعي، وأن تهيئ نفسها لتكون الزوجة الصالحة، والأم الصالحة، ولا تكون طموحاتها في الدنيا على حسب هذه الأمور.
بعد معرفتي بهذه الأمور انقلبت حياتي، وبدأت أحس أن ما أفعله خطأ، وأخاف أن يكون ما أفعله من طلب علوم دنيوية لا يرضيه سبحانه، إذ أن هذا الأمر يجعلني أقصر في طلب العلم الشرعي، وفي وقتي مع والدي.
أرجو أن تنصحوني: ماذا أفعل؟ وهل ما أقوم به من طلب علم الهندسة يرضي الله؟ خاصة أن مجال العمل هذا خاص بالذكر أكثر، وأريدكم أن تنصحوني نصيحة، وأنا ما زلت في مقتبل العمل، نصيحة تساعدني على نيل رضا ربي سبحانه، وأيضا أريد موقعا لرد الشبهات.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا، من الجميل أن تحرصي على عدم التقصير في حق القرآن الكريم، العلاقة مع القرآن علاقة إيمانية وروحية، ويمكنك تقويتها بجعل قراءة القرآن وتدبره جزءا من حياتك اليومية، حتى لو كانت بضع آيات كل يوم، المهم هو الاستمرار والتدبر والعمل بما فيه.
في الحديث المتفق عليه، واللفظ لمسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (أدومه وإن قل).
ثانيا، الإعجاب الطبيعي بأشخاص ممن حولنا أمر يحدث، لكن يجب التحكم فيه، وعدم السماح له بأن يشتت تركيزك عن أهدافك وواجباتك.
إذا لم يتقدم أحد للزواج، فهذا لا يعني أنك يجب أن تقلقي، فكل شيء يأتي في وقته المناسب، المهم هو عدم الاسترسال، أو التواصل غير الضروري مع الطلاب أو المدرسين الذين معك، ويبقى التواصل في نطاق المهام الدراسية، التي يتم تكليفكم بها كمشاريع بحثية، ومشاريع جماعية.
تذكري أن الله تعالى جعل غريزة الانجذاب بين الجنسين لغرض تحقيق مقصود، وهو الحفاظ على النسل الإنساني بالزواج، ولكنها قبل ذلك تصبح ابتلاء واختبارا ليعلم الله من يخافه بالغيب.
بالنسبة لموضوع الدراسة: بما أنك في بدايات المراحل الأكاديمية، وما زلت في سن صغيرة، ولديك رغبة كبيرة في طلب العلم، فهو أفضل بكثير من دراسة الهندسة، لأن مجالها للذكور أكثر -كما قلت- والآيات والأحاديث المرغبة في طلب العلم الشرعي الموصل إلى الله كثيرة، قال الله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وقال سبحانه لنبيه آمرا له بالاستزادة من العلم: (وقل رب زدني علما) وقال صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) متفق عليه.
الأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا، كلها تدل على شرف العلم الشرعي وشرف صاحبه، ونحن نقترح عليك تحويل المسار لطلب العلم، لأننا نرى لديك الهمة والطموح لذلك، والوقت لا يسمح بالتأخير، فكلما تأخرت تقاعست، فهناك من الشباب والبنات من انصرفت هممهم عن طلب العلم، وقل في زماننا طلاب العلم الشرعي، لذا إن رأيت في نفسك الصبر على طلب العلم، فننصحك بالتحويل لمسار أكاديمي شرعي، كلية الشريعة أو أحد تفرعاتها، وسيسوق الله رزقك، فانوي النية الصالحة لله بأن تكوني طالبة علم، وطالب العلم مأجور في كل وقته، ما بين حضور مجلس العلم، ومدارسته، وحفظه، في كل وقت هو مأجور، فما أجمل هذا الطريق لأنه موصل لله.
الموضوع متروك لتقديركم، فاستخيري وأكثري من الاستخارة، واسألي الله أن يوجهك لما فيه الخير لك.
بالنسبة لوقتك مع والدك، حاولي أن تنظمي وقتك بحيث تعطين كل ذي حق حقه، ، فالإسلام يحثنا على الاعتدال والتوازن.
بخصوص الشبهات، هناك مواقع عديدة تعمل على رد الشبهات حول الإسلام، منها موقعنا (إسلام ويب)، يمكنك تصفحه وستجدين فيه الكثير من المقالات والمباحث التي ترد على الشبهات، وهناك أيضا المواقع التي تقدم المحتوى العلمي الموثق، والمرجعيات والمراجعات للكتب الإسلامية.
استخيري الله في كل خطواتك، وتوكلي عليه، واسأليه التوفيق والهداية في كل شأن من شؤون حياتك، وثقي أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
والله يرعاك ويوفقك لكل خير.