ديون أبي أوقفت حياته وحياتنا..أرشدونا!

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أعرف من أين أبدأ سؤالي؛ لأني حائر، ولكن أتمنى من الله أن يصل ما أريد قوله وما أشعر به إلى حضراتكم.

أنا شاب عمري 29 عاما، وأنا كبير إخوتي، والدي ابتلاه الله وخسر تجارته، وأصبح مديونا بمبالغ كبيرة لبعض الأشخاص تقدر بحوالي 6 ملايين جنيه، كانت على سبيل المشاركة في التجارة.

طلب أبي من الدائنين أن يمهلوه حتى يتم بيع أملاكه ويسدد المبالغ، بعضهم وافق، ولكن البعض الآخر قام بالتشهير بأبي، ورفع قضايا ضده، أصبح أبي حديث المدينة، فاضطر للسفر خارجها، وأصبحت أنا المتصدر لتلك المشاكل في محاولة تهدئة الدائنين، والبحث عن حلول، ولكن كل المحاولات فشلت، ومع أحوال البلد الاقتصادية، يصعب بيع أي عقار لسداد المبالغ، وكل المعارف والأقارب تنصلوا مني ومن أبي.

أصبت بحيرة، وضعف، وقلة حيلة، لا أعرف كيف أتصرف ولا إلى أين أذهب! هذه المشكلة بدأت منذ سنتين، ولا تزال قائمة حتى الآن.

دعوت الله كثيرا، وصبرت وصابرت -والحمد لله-، ولم ولن أيأس من رحمة الله، وأعلم أن الله هو المفرج، لكني أبحث عن حل، أين أذهب؟ أتمنى أن أتكلم مع شخص ينصحني لحل المشكلة؛ لأني أصبحت المسؤول.

عذرا على الإطالة، ولكن والله أتمنى أن أسدد ديون أبي، ويعود لحياته معنا، لأن حياتي وحياة إخوتي متوقفة بسبب هذه المشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يقضي عنكم ديونكم، وييسر أرزاقكم.

واعلم -أيها الحبيب- أن الله -سبحانه وتعالى- قد يبتلي الإنسان المسلم لحكم جليلة ومقاصد عظيمة، فليس البلاء دائما شرا، بل قد قال الله سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، وتعرض الإنسان للنكبات الاقتصادية أمر مألوف في حياة الناس، وفي النظر في حياة الناس وما يصيبهم من المصائب تخفيف لوقع المصيبة على الإنسان، فالإنسان يتعزى بغيره، فقلب نظرك في أحوال الناس ستجد كثيرين أصيبوا بمثل ما أصبتم به، وربما تجد أن كثيرا أصيب بما هو أكبر من ذلك، وهذا من شأنه أن يخفف عليك وقع المصيبة.

واعلم -أيها الحبيب- أن الصبر عواقبه حسنة.
والصبر مثل اسمه مر مذاقته *** لكن عواقبه أحلى من العسل.

ونصيحتنا لك تتلخص في التالي:
أولا: اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى-، فهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء، {إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون}، الجأ إليه بكثرة الاستغفار، فإن الله وعد المستغفرين بالأرزاق الواسعة، فقال سبحانه وتعالى في سورة نوح: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا*ويمددكم بأموال وبنين*ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.

وقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض الصحابة دعاء يدعو الله تعالى ليقضي الله عنه دينه، فعلمه أن يقول: (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)، يقولها سبعا في الصباح وسبعا في المساء.

فالإكثار من الذكر والاستغفار والابتهال إلى الله تعالى والرجوع إليه باضطرار من أهم الأسباب التي لا ينبغي أن تغفل في هذه الحالات، ويجعلها الله -سبحانه وتعالى- سببا للسكينة والطمأنينة، وهذا نوع من الفرج والتيسير.

ثانيا: لا بد من الأخذ بالأسباب -أيها الحبيب-، والسعي وراء الرزق الحلال، فلا تيأس، ولا تظن أن الله سبحانه وتعالى لن يرزقك، فأحسن ظنك بالله، فإن الله يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

ثالثا: لا بد من تذكير الدائنين بحكم الله تعالى في المدين المعسر، فقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}، فهذا أمر الله تعالى وحكمه أن المدين المعسر يمهل وينظر ويؤخر إلى وقت اليسر، وهناك أحاديث كثيرة في الترغيب بإنظار المعسر، فينبغي أن تذكر الدائنين بهذه الأحاديث، وهي كثيرة، يمكنك الرجوع إلى كتاب (الترغيب والترهيب) وستجد عددا كثيرا من الأحاديث يتكلم عن هذا، فمن أنظر معسرا شملته وعود نبوية كثيرة بالخير والأجر والتيسير، فتذكير الدائنين بهذه المعاني من شأنه أن يخفف حدته ويخفف وطأة مطالبتهم.

وأخيرا -أيها الحبيب- لا تقلق ولا تحزن، ولا تعتقد فيما حصل عيبا، فهذه أحوال تعرض لكثير من الناس، والناس يعرفون هذا، فلا ينبغي أن تحمل نفسك ما لا تطيق من المشاعر، والخوف من التشهير أو الفضيحة، فليس في الأمر فضيحة يخشى منها.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لكم الأمر، ويقضي عنكم الديون، ويفتح لكم أبواب الرزق الحلال المبارك.

مواد ذات صلة

الاستشارات