السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شابة متدينة، والكل يشهد بحسن أخلاقي، علاقتي في الجامعة مع أحد زملائي من الشباب كانت علاقة زمالة إلى أن أرسل لي رسالة يعترف فيها بإعجابه بي، فأخبرته أن لا يحدثني مجددا تحفظا وخوفا من الوقوع في علاقة محرمة، فرفض الابتعاد عني، وأصبح يحاول التحدث معي، وأخبرته عدة مرات أن لا يكلمني، ولكنه لم يعر كلامي أي اهتمام.
مع مرور الوقت ضعفت أمام اهتمامه بي، وتعلقت به، وقلت له إذا كنت تريدني فتقدم لخطبتي، فأنا لا أريد الدخول في علاقة محرمة، وأخبرت والدي أن هذا الشاب يريد التقدم لخطبتي، لكن والدي رفضا بعد أن علما من الناس أن هذا الشاب ليس على دين ولا خلق.
راسلته وأخبرته برفض أهلي للخطبة، لأننا غير مناسبين لبعضنا، فغضب غضبا شديدا، وجاءني بعد المحاضرة في الجامعة، وقال لي بصوت عال أمام كل زملائي: أنت إنسانة لعوب، وقد تلاعبت بمشاعري، فظن الجميع أني على علاقة محرمة معه.
منذ ذلك الوقت وأنا في حالة اكتئاب وقلق، وأصبحت أحس بالعار بعد أن أحرجني أمام كل الناس، وشوه سمعتي، وصرت ألوم نفسي أني تكلمت معه، وفتنته، وأني وضعت نفسي محل شبهة.
مرت أشهر عديدة، لكن الألم لا يزال في قلبي، ولم أستطع تجاوز الأمر، علما أن الشاب لم يتقدم لي رسميا، ولم يحاول لأجلي بعد أن رفضت الكثير من عروض الزواج لأجله في تلك الفترة، فهل كنت أنا سبب فتنة له؟ وماذا أفعل لأنسى وأتجاوز ما حصل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أختنا الفاضلة: نشعر بحالة الألم والحزن التي تمرين بها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاتهام في العرض لفتاة صالحة متدينة، ورغم أن خطوات البداية منك كانت صحيحة وشجاعة عند قطع الطريق على ذلك الشاب، ومنعه من التواصل معك إلا عبر الطرق المشروعة، لكنك ضعفت أمام إلحاحه حتى أصبحت متعلقة به، وهنا كان أول طريق الخطأ.
لذلك -أختنا الفاضلة- ينبغي أن تعلمي أن علاقات التعارف قبل الزواج مما نهى عنه الشرع، لما فيها من مفاسد عظيمة، والإسلام لا يمنع شيئا إلا لمصلحة وخير للإنسان.
ثم اعلمي -وفقك الله- أن من أهم أسس الاستقرار الأسري هو التوافق بين الزوجين، وما دام أن هذا الشاب لم يكن على خلق ودين فإن التوافق بينكما بعيد، والتعلق الذي حدث منك ناتج عن مشاعر مراهقة، وطيش الشباب ليس إلا، وقد كان الأجدى بهذا الشاب -إن كان صادقا في حبه لك- أن يتوجه إلى عائلتك مباشرة لخطبتك، وأن يصبح التعارف والتفاهم بينكما داخل الإطار الشرعي الذي حدد فترة الخطبة لتكون فرصة التعارف والتفاهم، وعلى مرأى من الأسرتين والناس، وقد أحسن والداك في جعل شرط الدين والخلق أساسا لقبول الارتباط بك، وهذا فيه خير لك، وتطبيق لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أختي الفاضلة: الموقف الذي حدث من هذا الشاب يشير إلى أنه كان فعلا لا يملك دينا ولا خلقا، وقد نجاك الله تعالى من الارتباط به، فصاحب الخلق والدين يحجبه دينه عن الإساءة إلى أعراض الآخرين أو فضحهم، ولو كان راغبا حقا فيك؛ لبادر إلى السعي والمحاولة في الزواج منك بكل الطرق والوسائل الممكنة، لكنه لم يفعل، فلعله شر صرفه الله عنك، فارضي بما قسم الله لك.
ولإصلاح هذا الأمر: فإن هذا الشاب هو من بيده الجانب الأكبر في إصلاح هذه المشكلة التي صنعها بنفسه، فيمكن أن يعلن في نفس المكان وبنفس الطريقة عن اعتذاره وخطئه بسبب انفعاله، وهذا أنفع الطرق، ويمكن أن تبحثي عن شخص له منزلة ومكانة عند هذا الشاب، مثلا المدرس أو المشرف، فيقدم له النصح، والطلب في أن يبادر إلى إصلاح المشكلة بهذه الطريقة، أو بأي طريقة أخرى، فإن كان الشاب ذا مروءة ويراعي المعروف فإنه سيبادر إلى إصلاح ما أفسده.
أختي الفاضلة: لا شك في أن لك دورا في حدوث هذه المشكلة، وذلك من خلال مجاراتك لهذا الشاب وتعلقه بك وتعلقك به، مما جعلك طرفا في صناعة هذه العلاقة الوهمية القصيرة، ولا شك أن التجارب الصعبة لا تزول بسهولة من الذاكرة.
لذلك عليك أن تنشغلي بدراستك، وارتباطك بالله تعالى، وانشغالك بالقرآن والطاعات، وكل هذا سيزاحم هذا الهم ويقصيه من ذاكرتك، لكن وجودك في مكان يوجد فيه هذا الشاب وتلك السمعة ربما يساعد الناس على تذكر ذلك الموقف، فيستحسن -إن أمكن- أن تنتقلي من هذه الكلية إلى أخرى -إن كان ذلك ممكنا-؛ ليتوقف انتشار وإثارة تلك الأخبار عنك.
أختي الفاضلة: مواجهة تلك الإشاعات يكون بإنجازاتك، وقوة شخصيتك، وحسن تدينك، وطاعتك لله تعالى، وعدم الانجراف وراء أي إشاعات أو أقوال تجعلك تتنازلين أو تضعفين مرة أخرى، وشعور مجتمع الكلية أنك صاحبة شخصية قوية، وخلق رفيع، ودين قوي، لا يجعلهم يلتفتون لما يقال أو يروج عنك.
أختي الفاضلة: عليك بالتوبة إلى الله تعالى من هذه العلاقة الخاطئة، وكل ما دار فيها، والحمد لله أنك لم تنزلقي إلى ممارسات محرمة وكبيرة بسببها، ولعل في هذا درسا لك أن لا تكرري هذا الطريق في بناء أسرتك المستقبلية، وأن يكون طريق الشرع هو الطريق الذي ترتضينه لنفسك.
أسأل الله أن يصلح حالك، ويذهب همك.