السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 26 سنة، تزوجت منذ سنة، والآن رزقت بطفلة، ولكني حقا بدأت أتحطم نفسيا، أمي غير راضية عن هذا الزواج؛ لأنها لم تتفاهم مع زوجتي 100%، فقررت أن أسكن وحدي مع زوجتي، وأمي بقيت مع أبي.
كذلك من وقت لآخر أمي تغضب مني وتعاتبني وتدعو علي؛ لأنني أشتغل عملا بسيطا، ما أكسبه منه بصعوبة يكفيني لأسد حاجيات الشهر فقط، من أكل وشرب لزوجتي وابنتي، ومن وقت لآخر عندما يأتيني رزق إضافي، أعطي أمي منه، وإن طلبت مني شيئا -وكنت قادرا عليه- أفعله دون تردد.
لكنها دائما غاضبة مني وحزينة؛ لأنني لست غنيا كي أعطيها دائما المال، وأوفر لها كل ما تريده، حقا بدأ الشيطان يتسلل لدماغي، ويعطيني كثيرا من الأفكار السلبية، كأن أطلق زوجتي وأعود لأمي؛ لكي أوفر لها كل ما تريد.
بدأت أتحطم شيئا فشيئا، ولا أعلم هل أنا عاص أم لا؟ لأن أمي تخبرني أنني عاص، وهذا يجعلني أكره زواجي ونفسي وكل شيء حولي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على بر الوالدة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يملأ يديك بالخير والمال، وأن يعينك على طاعة الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
أرجو أن تعلم -ابننا الفاضل- أن الشريعة التي تأمرك ببر الوالدة هي الشريعة التي تأمرك بالإحسان إلى الزوجة ورعاية الطفل الذي رزقك الله -تبارك وتعالى-، وهذا واجب وذاك واجب؛ ولذلك أرجو أن تدير الأمر بحكمة، وعليك أن تصبر على الوالدة، والغيرة متوقعة في مثل هذه الأحوال، ولا يصل الأمر -وما ينبغي أن يصل- إلى التفكير في الطلاق، أو التفكير في أشياء سلبية وسيئة.
اجتهد في إرضاء الوالدة، ومن إرضائها: أن تصبر على تصرفاتها وعلى ما يحصل منها، وإذا كنت في مكان منفصل، فأرجو أن تنقل لها أحسن المشاعر عن زوجتك، وحاول أحيانا أن تحضر طفلتك من أجل أن تراها والدتك، لعل قلبها يلين عليها وعلى زوجتك.
وبالنسبة للمال {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}، إذا وسع الله عليك فلا تقصر، وإذا كان الأمر فيه ضيق أيضا عليك أن تبذل بقدر ما تستطيع، وحاول دائما إدخال الوالد حتى يلطف الجو، وإذا كان في الخالات امرأة عاقلة أو خالة عاقلة يمكن أن تؤثر إيجابيا في تغيير هذه المعادلة فلا مانع أيضا من إشراكها، وتشاور معها في تحسين هذا الوضع.
واعلم أن هذا ابتلاء، والابتلاء يحتاج منك إلى الصبر، فلا تعط الموضوع أكبر من حجمه، واعلم أن الغيرة في مثل هذه الصور موجودة، ولعل الزمن أيضا جزء من مراحل علاجها، بعد الاستعانة بالله -تبارك وتعالى-، واتخاذ الخطوات المهمة، والتي منها: الدعاء، زيادة الاهتمام بالوالدة، ذكر الأخبار الجميلة والثناء العطر من زوجتك عن الوالدة، ومطالبة الوالدة أيضا بالدعاء لك، والحرص على تطييب خاطرها، ومعلوم أن الإنسان إذا كان لا يستطيع أن يعطي والديه، فعليه أن يعدهما وعدا جميلا، قال الله: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} [الإسراء: 28]، يعني: (لن أقصر معك يا أمي، وأبشري بالخير، وأنا أنتظر الخير، والرزق من الله تبارك وتعالى)، واجتهد أيضا في أن تبحث عن عمل أو مصدر دخل إضافي، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
لكن ليس في الشرع ما يبيح لك أن تجعل هذا سببا للطلاق، فلا تطلق امرأة بلا ذنب، ولا تضيع هذه الطفلة التي رزقكما الله -تبارك وتعالى- إياها، واستمر في مداراة الوالدة والإحسان إليها، والقيام بما عليك أيضا تجاه الزوجة والطفلة.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونوصيك بتقوى الله، والاستعانة بالله، والتوكل عليه وصدق النية، والقيام بما عليك، فقط بما عليك، فإن الله قال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.
وفقك الله لما يحب ويرضى.