السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة، كنت شخصا عاديا ليس لدي شيء، منذ شهر أصبت بحالة غريبة، تغيرت وبدأت تظهر علي أعراض قلق وتوتر وضعف الشهية، أصبحت أفكر أنني سأصبح مجنونا، كل يوم لدي سيناريو جديد، شخصيتي حساسة وأبالغ كثيرا في الأفكار وأحللها.
ذهبت مع عائلتي إلى طبيب نفسي منذ شهر وأعطاني دواء exomil، وقال: لدي اكتئاب وطمأن عائلتي وطمأنني، ما زلت أفكر أني أعاني من شيء ما، وكل يوم أفكر دون تحسن، لست انطوائيا ولدي أصدقاء، وأخرج من المنزل وأذهب إلى العمل، منذ ذلك التغير أحس أنني تغيرت، واليوم ليس مثل البارحة، مثال: اليوم لدي فكرة معينة، وغدا عقلي يفكر في أمور أخرى، أحس أنني تعمقت كثيرا وأحيانا أبكي كثيرا.
أنا شخص طيب وأحب فعل الخير وأخاف من فقدان مشاعري وأحاسيسي، أخاف من التحول إلى شخص آخر، أو العزلة عن الواقع، لا أريد أن أبين ذلك لعائلتي لأنهم يرونني طبيعيا، ولكنني من الداخل أشعر بشعور سيء وأعاني من القلق والتوتر، ماذا أفعل؟ هل تستمر هذه المشاعر مدى الحياة؟ أرجوكم أريد المساعدة.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، نسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي: الذي يظهر لي أنه لديك درجة بسيطة إلى متوسطة مما يعرف بالقلق المعمم أو القلق العام، وليس أكثر من ذلك، والقلق كثيرا ما يكون مرتبطا بأفكار وتوجسات وتشويش يحدث للإنسان، ولا أعتقد أن لديك اكتئابا نفسيا حقيقيا، ربما يكون هنالك شيء من عسر المزاج الثانوي المرتبط بالقلق، وليس أكثر من هذا.
الحمد لله يا أخي: أنت تجاهد نفسك ولا تريد أن تظهر بمظهر الضعيف، أو بمظهر الشخص المريض، وهذه في حد ذاتها استراتيجية علاجية ممتازة جدا، فكن على هذا المنوال، وأنا أقول لك: أن الإنسان من الناحية السلوكية هو عبارة عن مثلث: ضلعه الأول الأفكار، وضلعه الثاني المشاعر، وضلعه الثالث هو الأفعال، ففي حالات القلق والتوترات وعسر المزاج تصبح الأفكار سلبية، وأنا أقول لك - يا أخي -: استبدلها بأفكار إيجابية.
من رحمة الله بنا أن الكون قد خلق في ثنائية عظيمة، كل شيء يقابله شيء مضاد له تقريبا، فاستبدال الأفكار ممكن جدا، ما هو سلبي نستبدله بما هو إيجابي، وكذلك المشاعر -يا أخي الكريم-، وهذا ليس خداعا من النفس، ومن المهم جدا أن تهتم بالضلع الثالث وهو ضلع الأفعال، مهما كانت الأفكار ومهما كانت المشاعر يجب أن تكون شخصا منجزا، شخصا يحسن إدارة وقته، شخصا لديه أهداف وتضع الاستراتيجيات التي توصلك إلى أهدافك -يا أخي الكريم-، هذا مهم جدا ليعيش الإنسان حياة صحية طيبة وفاعلة وراقية، وتحول القلق من قلق سلبي إلى قلق إيجابي؛ لأن القلق في الأصل هو طاقة لتحسين الدافعية عندنا وكذلك الإنتاجية والتميز.
فأرجو أن تتبع هذه المناهج، وأريدك أن تحرص على الرياضة، الرياضة تقوي النفوس كما تقوي الأجسام، الرياضة تمتص القلق والتوتر فاحرص عليها -يا أخي-، وتجنب السهر مهم جدا، الإنسان الذي ينام مبكرا ويستيقظ مبكرا، ويؤدي صلاة الفجر في وقتها - أخي الكريم - هذا البكور فيه خير وبركة عظيمة جدا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى ذلك: (بورك لأمتي في بكورها)، واتضح الآن أن كثيرا من المواد الإيجابية الدماغية مثل الأوكستوكسن تفرز في أثناء الصباح الباكر، وهي مواد إيجابية جدا لدرجة أن هنالك من يسميها بهرمونات السعادة، فاحرص -يا أخي الكريم- على هذا النمط الحياتي الإيجابي و-الحمد لله- أنت شاب حباك الله بكثير من الطاقات، وكثير من الإمكانات، فأرجو أن تستغلها بالصورة الصحيحة.
بالنسبة للأدوية أخي الكريم: أريدك أن تتناول دواء جديدا نسبيا لكنه فاعل جدا، الدواء يسمى برينتالكس، هذا هو اسمه التجاري ويسمى علميا فورتوكستين، تتناوله بجرعة 10 مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، والجرعة القصوى هي 20 مليجرام، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة.
وتذكر كلامي بأن الإنسان سلوكيا هو عبارة عن مثلث، الضلع الأول هو الأفكار، الضلع الثاني هو المشاعر، والضلع الثالث هو الأفعال، والأفعال لا بد أن تبقى حتى وإن كان الفكر سلبيا، وكذلك الشعور، وهذه يمكن أن نغيرها، وحين نفعل وننتج ونكون إيجابيين سوف تتغير أفكارنا ومشاعرنا لتصبح إيجابية جدا، ولا بد أن تضع لنفسك أهدافا، وتضع الاستراتيجيات التنفيذية لتحقيق هذه الأهداف.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.