السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدينا جارة كبيرة في السن، مستورة الحال، تعيش على معاش زوجها المتقاعد، ومساعدة ابنها البكر، ولديها ابن وبنت غيره، وجميع أبنائها متزوجون، ومستورو الحال أيضا، وكانت قريبة لنا تعطيها مالا بين الفينة والأخرى، ثم سافرت فأصبحت ترسل لها المال عبري، مرضت الجارة قبل فترة واستهلكت أموالا في العلاجات، فحدثت قريبتي بذلك فأرسلت قريبتي لها معي 3000 جنيه، وأعطتها حماتي أيضا بعض المال -لا أدري كم هو- وأعطيتها أنا نحو 900 جنيه، كل هذا المال في فترة شهرين.
اتصلت بي البارحة تشتكي أيضا أنها باعت حلقا لها ب1500 جنيه، وصرفته كله على العلاج، لم تسأل مباشرة، ولكنها عرضت بالسؤال كما تفعل عادة.
ضايقني هذا لأني أعطيها من مصروفي، وليس من أموال زوجي، فزوجي يعطيني مصروفا محددا في الشهر، لا أزيد عليه، ولا أحلل لنفسي مس أمواله دون علمه، وليس لدي ما أعطيها إياه الآن، كما أني أحب أن أضع صدقتي في من أظنه محتاجا.
أنا أشعر أنها الآن تستغلنا، فالعلاج كما رأيته لا يكلف كل هذا، والدخول للطبيب والأدوية، وحتى جلسات العلاج الطبيعي، يكفي لها ما أخذته من المال، وما زعمت أنها باعته وربما يزيد! ماذا أفعل؟
هل أنا آثمة لظني فيها السوء؟ وهل أكون آثمة إذا جعلت صدقتي القادمة في مكان آخر ولم أعطها؟ وكيف أتصرف مع تعريضها بالسؤال؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يتقبل منك صدقاتك ويثيبك عليها، ونهنئك بما من الله تعالى به عليك من تقديم هذه الصدقات وإن كانت يسيرة، فإن المرء يكون في ظل صدقته يوم القيامة كما ورد بذلك الحديث: (الصدقة تطفئ غضب الرب)، (من أعان مسلما أعانه الله تعالى) والأحاديث والآيات كثيرة جدا في فضل الصدقات، والجار والقريب أولى بالصدقة من الإنسان البعيد، الله تعالى قد أوصى بالجار والإحسان إليه، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا في أحاديث كثيرة عن منزلة الجار، وعن فضيلة الإحسان إليه، وقال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان إلى الجار، وإكرامه من علامات الإيمان باليوم الآخر، من كان يؤمن باليوم الآخر فليكرم جاره، والأصل في المسلم أن يصدق ما لم تقم الدلائل والبيانات على خلاف قوله، فهذه المرأة إذا كانت تدعي أنها تحتاج إلى أدوية فليس هناك ما يكذب هذه الدعوى، فالأصل أنها صادقة، ولا يجوز أن يساء بها الظن، أما إذا كانت القرائن تدل على خلاف ما تقول، فحينها إذا ظننت أنها تستكثر من المال فقط فلا عليك بأن تكفي يدك عن إعانة هذه المرأة، وإن كان هذا يجوز لك ولو لم يظهر منها شيء.
إن الصدقة منك عليها ليست واجبة، وإنما هو أمر مستحب، لكن إذا ظننت بسبب القرائن الظاهرة أنها فقط تستكثر من جمع المال فحينها الأصلح أن توضع الصدقة في يد من يحتاجها، ولا حاجة بك إلى تناول هذه المرأة بشيء من الكلام أو الظن الباطن، فكلي أمرها إلى الله، وارجعي أمرها إلى الله، وأحسني الكلام لها، ولا تسيئي إليها في الكلام، فقد أرشد الله تعالى من كان لا يريد الصدقة أن يطيب قوله للناس، فقال سبحانه وهو يرشد إلى كيفية التعامل مع الأقارب عند العجز عن إعانتهم بالمال، قال: (وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا) والشاعر يقول:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ** فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
إذا لم تعط هذه المرأة أموالا فأحسني لها الخطاب بالكلام، وأنت مأجورة على ذلك، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير ويعينك عليه.