السؤال
السلام عليكم.
ابنتي عمرها 18 عاما، لا أعرف كيف أتعامل معها!
أحيانا أشعر بأني أظلمها، ولكن هي من تجعلني قاسية، ومزاجية، وعنيدة.
أفكارها غريبة، لا تنتمي لمجتمعنا، وتكره إخوتها، ومعارضة لأي شيء، وتظن نفسها أنها دائما على صواب ونحن على خطأ، وكئيبة، حتى أنها تغير طاقة المنزل من مزاجها، وتفتعل المشاكل بأي طريقة.
وصلت لمرحلة أني أصبحت أكرهها، وأعلم بأني مخطئة ولكني عجزت معها، وأدعو الله أن يهديها، وأن لا أظلمها، حتى أنني توصلت لحل أن أزوجها؛ كي تصبح مستقلة بنفسها؛ لأنني أشعر بأنها تكرهنا، وكي لا أظلمها معنا، فقد وصلت لمرحلة أنني أفقد أعصابي بسببها، وأنا مريضة بالتصلب اللويحي، ولا أتحمل الضغط أكثر.
أسأل الله أن لا أكون قد ظلمتها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –أختنا الفاضلة– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هذه الفتاة، ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحها ونجاحها.
لا يخفى عليك أن مرحلة المراهقة تحتاج إلى تعامل من نوع خاص، ونتمنى أن تتخذي هذه البنت صديقة، وأن تقتربي منها، وتحاوريها، وتشاوريها، وتحمليها المسؤولية، وتستبدلي التعليمات المعلبة الجاهزة بالحوار، وإدخال القناعات؛ فإذا أردت أن تطاع فعليك بالإقناع، ووسيلة الإقناع هي الحوار.
والفتاة في هذه المرحلة بحاجة أيضا إلى تدخل والدها؛ حتى يؤثر عليها، وينبغي أن يكون القرار بينك وبين الوالد موحدا؛ لأن هذا أيضا يساعدها على أن تمضي في حياتها، ثم أرجو إذا كان هناك أطفال صغار أن يحترموها، وتدعوها إلى أن ترحمهم، وأن تكون معهم، ولا تستغربي من الكلام الذي يصدر منها، فقط قابليه بالحوار، واعلمي أن المراهق والمراهقة يتبنون في خارج البيت القناعات التي يرفضونها في الداخل، فعلينا أن ندير حوارا ناجحا.
ونحن لا نؤيد فكرة الاستعجال في تزويجها، إلا إذا جاءها صاحب الدين وصاحب الخلق، أما أن يكون الهدف هو التخلص منها والهروب منها، ورميها في وضع جديد فهذا ما لا نؤيده؛ لأنه من الواضح أنها تحتاج إلى وقت حتى تصبح ناضجة ومؤهلة للدخول إلى حياة زوجية جديدة.
من المهم جدا أن تجلسي معها، وأن تحاوريها، وأن تطلبي منها عرض الأشياء التي تضايقها، ثم بعد ذلك تشاوري معها في الحلول التي تريدها.
واعلمي أن الفتاة في مرحلة المراهقة تكون كثيرة النقد لأهلها، لكن إذا نظرنا إلى الدوافع، فإنها تريد دائما أن يكون بيتها نظيفا، وأهلها على أعلى درجات الرفعة بين الناس، وستجدينها تنتقد بعض الأشياء رغم أنها كسولة، وقد لا تساعد، لكن بكل بساطة نقبل كلامها، ونطلب منها أن تصلح، وأن تقوم بواجبها؛ لأنها كبيرة ولأنها صاحبة قرار، وعندما نحملها المسؤولية، فينبغي أن نتحمل الأخطاء التي يمكن أن تحصل، ولا نعطي فرصة لافتعال المشاكل، ولكن نشغلها بالخير قبل أن تشغلنا بهذه الإشكالات.
وكونها عنيدة، وأفكارها غريبة، فالمراهق أيضا يتكلم بكلام أحيانا هدفه الإثارة لمن حوله، ومعارضتها للأشياء أيضا لأنها كما قلنا تريد أشياء رائعة للأسرة، وقد لا تساعد على إيجادها، بمعنى أن تنتقد البيت لأنه غير نظيف، ولكن هي لا تنظف، وبالتالي نحن نقول: (كلامك صحيح، لكن تحملي مسؤوليتك -يا ابنتنا-، واليوم ستنظف لنا فلانة، وأنت قومي بما عليك أيضا).
واحرصي دائما على ربطها بالله تبارك وتعالى، وابحثي لها عن صديقات صالحات؛ فإن هذه المرحلة الصديق له تأثير كبير، تصادق صالحات من زميلاتها ومن جيرانها، وإذا كان لها عمة أو خالة قريبة منها في العمر فأرجو أن يكون لها دور أيضا في التوجيه والنصح بالنسبة لها، وأكثروا لها من الدعاء.
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.