عمتي وأولادها يتهمون أمي بالسحر..فهل نقطع الصلة بهم؟

0 8

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد الاستفسار حول حكم قطع الرحم مع عمتي التي اتهمتنا ظلما بالسحر! اتهمت أبي وأمي بأنهما سحرا ابنتها، لمنعها من الزواج والنجاح في عملها، وأرسلت ابنها وابنتها لسب أبي وأمي؛ مما أدى إلى وقوع مشاجرة بيننا، ورغم أنهما أقسما بالله وعلى المصحف، إلا أنهم لم يقتنعوا ببراءتنا.

قرروا بعدها إحضار شيخ يفصل بيننا في الأمر، وذهبوا لشيخ فتح لهم ما يسمي بالمندل، وأخبرهم بمن قام بعمل السحر، ونحن نعلم أن ذلك كفر، لم نرض به، وابنتها تحلم بأن أمي تسحرها، وبيننا مواقف أخرى كثيرة، وتجاوز أبي وأمي عن ذلك كله من أجل صلة الرحم، لكنهما لم يستطيعا تجاوز الاتهام بدينهما.

أمي تشعر بالقهر كثيرا، وكذلك أبي، علما أن أمي تواظب على ختم القرآن وتردد دائما: "حسبي الله ونعم الوكيل"، لا أذكر كلامهم بالكامل، لكنهم أهانوا أمي ومسوا عرضها، وذهبوا جميعا للعمرة للدعاء علينا، ويقولون: عندما دعا ابنها على خالتي التي يتهمونها بالسحر توفت، وهي متوفاة من قبل تلك الأحداث، ويشهد الله أن أخلاق خالتي لا غبار عليها، وهي امرأة طيبة وخلوقة، فهل نحاسب على قطع الرحم معهم؟وما حكم اتهامهم لنا بالباطل؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكم على صلة الرحم، وأن يصلح الأحوال، فإن صلة الرحم في زماننا لا تستمر أو تستقر إلا بنسيان المرارات والصبر على الجراحات.

وإذا كان الأهل قد أساؤوا لكم؛ فإن صلة الرحم ينبغي أن نقابل فيها الإساءة بالإحسان، والإحسان بالإحسان، لقوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، وقد جاء الرجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشكو: "يا رسول الله ‌إن ‌لي ‌قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي" لم يقل له: عاملهم بالمثل، أو رد الكيل بمكيالين، ولكن نبي الرحمة والصلة قال: "لئن كنت كما قلت" يبشره "فكأنما تسفهم المل"، يعني الرماد الحار، وهذا دليل على ما يدخل عليهم من الأذى والشر بإساءتهم لكم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، فالذي يصبر على رحمه مبشر بتأييد الله تبارك وتعالى.

وإذا كان الشر يأتي من الأقارب فإن علينا أن نبقي معهم شعرة العلاقة، ونسلم عليهم، ونسأل عنهم، ونحلم عنهم، ونصلهم، ولا مانع في العيد أو في المسجد إذا تقابلنا معهم نقول: "السلام عليكم، مبارك عليكم العيد"، وبهذا نكون قد خرجنا من الحرج؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وخيرهما ‌الذي ‌يبدأ ‌بالسلام".

أما هذه الاتهامات الظالمة فتعود وبالا عليهم، وستأخذ هذه الخالة أو العمة المتوفاة من حسناتهم، إذا كانوا قد ظلموها، وعليهم أن يوقنوا أن الساحر ومن يريد السحر والناس جميعا لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا.

فمن الكمال أن نوقن أن الأمر لله تبارك وتعالى، والمؤمن يوقن بقول الله: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [التوبة: 51]، ويوقن بقوله سبحانه وتعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [النساء: 76]، وبقوله: {ولا يفلح الساحرون} [يونس: 77]، وبقوله: {ولا يفلح الساحر حيث أتى} [طه: 69]، وبقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولو اجتمعوا ‌على ‌أن ‌يضروك بشيء "كادوا وخططوا" لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف".

إذا المطلوب منكم دفع هذا الذي يحصل منهم بالتي هي أحسن، قال العظيم: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]، فعليكم أن تجتهدوا في الإصلاح، وأن تقوموا بما عليكم، وإذا حصل الإصلاح فليس من الضروري أن يكون هنالك تداخل وقرب؛ لأن هذا يجدد المشاكل، ولكن نبقي شعرة العلاقة في إلقاء السلام، والسؤال عنهم إذا مرضوا، يشيعوا إذا ماتوا، السلام عليهم في المناسبات، ولو بالهاتف، ولو بالجوال، المهم بالطريقة التي تضمن لنا صلة الرحم، وتعفينا من الاحتكاكات التي ينتج عنها مشكلات، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

ولا شك أن اتهامهم الباطل سيعاقبون عليه، وأنتم لا تقابلوا الخطأ بالخطأ، وادفعوا بالحسنى، واجتهدوا أن تصلوا هذا الرحم بالقدر المستطاع، وبالطريقة التي لا تسبب لكم ضررا، أو لا يلحقكم من ورائها شر.

مواد ذات صلة

الاستشارات