السؤال
السلام عليكم.
أرجو من الله توفيق جميع العاملين في هذا الموقع.
عمري 21 عاما، منذ خمسة أشهر بدأت أشعر بخفقان في القلب، مع ضيق في التنفس، ورجفة مستمرة في يدي، وأطراف جسمي، وشعور بسكرات الموت.
ذهبت إلى المستشفى، وتأكدت بأنني سليم، ثم ساءت حالتي تماما، فقد كنت أستطيع تحمل نوبات الهلع، ولكني الآن أصبحت أشعر بغصة في الحلق كأن هناك شخصا يضغط على حلقي، وأشعر بالرغبة الشديدة في البكاء والصراخ، وأحيانا لا أستطيع البكاء.
أصبحت أفكر في سيئات الماضي، وأحس أن الله -سبحانه وتعالى- لن يغفر لي تلك السيئات المروعة التي لا أعلم كيف ارتكبتها، ذهبت منذ أربعة أشهر لطبيب نفسي، وذكر بأنني أعاني من القلق والاكتئاب، ونصحني بأخذ (مودابكس 3 مرات يوميا، وسيركويل 25 جم) مرة قبل النوم، تحسنت حالتي لمدة شهرين ولكن سرعان ما عادت لي الغصة والرغبة الشديدة في البكاء.
الآن لم تأتني نوبات الهلع، ولكن تأتيني غصة الحلق مع اليأس والبكاء، مع وسواس بأنني سأنتحر -والعياذ بالله-، أرجو منكم أن تفيدوني هل أغير الطبيب النفسي، أم أغير العلاج؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
طبعا – يا أخي – الشعور بخفقان القلب وضيق التنفس والرجفة المستمرة هي بالفعل أعراض قلق في الأساس، وهذا القلق في الغالب يكون مصحوبا بشيء من المخاوف.
مع احترامي الشديد للطبيب الذي ذكر لك موضوع الاكتئاب، أنا لا أرى لديك حقيقة بوادر أو مؤشرات اكتئاب حقيقي، ربما يكون لديك شيء من عسر المزاج الثانوي، وذلك نتيجة لما تحس به من قلق وفزع وهرع مصاحب لهذه الأعراض الجسدية، وهي أعراض الخفقان وتسارع القلب، والذي في الأصل ينتج من إفراز مادة الأدرينالين، هو لا شك أنه مزعج لكنه ليس بالخطير أبدا، وضيق التنفس طبعا ناتج من أن القلق يؤدي إلى توتر نفسي كبير، والتوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي في أجزاء معينة من الجسم، أهمها القفص الصدري؛ لذا البعض يحس بالكتمة والضيق في التنفس، والبعض يحس بنزغات في القفص الصدري، والرجفة أيضا طبعا ناتجة من إفراز مادة الأدرينالين.
أيها الفاضل الكريم: الحالة إن شاء الله ليست خطيرة، هذا هو الذي أؤكده لك، وموضوع الغصة في الحلق هذه ناتجة أيضا من التوتر النفسي، التوتر النفسي كما ذكرنا يؤدي إلى توتر عضلي، وعضلات المريء وجهاز البلع أيضا تتأثر، وتحصل فيها نوع من التقلصات والانقباضات التي تشعرك بهذه الغصة في الحلق.
إذا لا يوجد أي سبب عضوي لحالتك، بعض الناس أيضا يشتكون مما يمكن أن نعتبره اضطرابا في الجهاز الهضمي، يظهر في شكل ما يسمى بالقولون العصابي.
هذه كلها أعراض نفس جسدية – أيها الفاضل الكريم – وقلق المخاوف الوسواسي من هذا النوع يعالج بالتحقير، ويعالج بالسعي دائما لأن تكون مطمئنا، وأن تتجنب الفراغ الزمني والذهني، وأن تسعى لأن تجعل حياتك مفعمة بالأمل والرجاء والأنشطة المختلفة، وهذا كله يتأتى من خلال حسن إدارة الوقت، والنقطة الجوهرية والمركزية في حسن إدارة الوقت تبدأ من تجنب السهر، أن تتجنب السهر، وتنام مبكرا، وتستيقظ مبكرا، وتصلي الفجر في وقته، ثم تبدأ يومك..؛ هذا يعتبر قمة الآليات العلاجية الإيجابية، فاحرص على ذلك.
ممارسة الرياضة أيضا يجب أن تكون جزءا من حياتك، الرياضة تزيل التوتر، تؤدي إلى استرخاء عضلي، ينتج عنه استرخاء نفسي، وينتج عنه طبعا إزالة القلق والتوتر. الرياضة وعلاج أساسي.
تمارين الاسترخاء دائما نحتم عليها؛ لأنها ذات فائدة عظيمة جدا في علاج مثل حالتك، فهي تخفض خفقان القلب، تزيل ضيق التنفس، ولها فوائد جمة وعديدة، فيا أخي الكريم: تدرب على تمارين الاسترخاء، ويمكن أن تطلب من الطبيب النفسي الذي تراجعه أن يحولك إلى أخصائي نفسي ليدربك على هذه التمارين، أو يمكنك أن تستعين بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، والتي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء. كما أن إسلام ويب أعد استشارة رقمها (2136015) يمكنك الاطلاع عليها وتطبيق الإرشادات الواردة فيها، وأسأل الله أن ينفعك بها.
هذه التمارين سوف تفيدك كثيرا في موضوع ضيق التنفس، وكذلك الشعور بالغصة.
يأتي بعد ذلك الحرص على ممارسة الرياضة، وكما ذكرت لك حسن إدارة الوقت، وأنت حين تنام مبكرا وتستيقظ مبكرا، وبعد صلاة الفجر تدرس لمدة ساعة قبل أن تذهب إلى الجامعة، هذا سيكون فيه خير كثير لك، وإن شاء الله تعالى سوف تكون منجزا من الناحية الأكاديمية والاجتماعية والصحية.
حقيقة استغربت لكلامك عن أنك تنتحر، لا أنت لن تنتحر أبدا، أنت بخير وعلى خير، والحالة حالة بسيطة جدا، والله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، يجب أن تعيش على الأمل والرجاء، وأن تكون إنسانا إيجابيا في أفكارك ومشاعرك وأفعالك.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، الـ (زولفت) أو الـ (مودابكس) والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) هو دواء ممتاز جدا وفاعل، ولا يحتاج أن يتناوله الإنسان ثلاث مرات في اليوم، يمكن أن يتم تناوله جرعة واحدة، والجرعة هي من خمسين مليجراما إلى مائتي مليجرام في اليوم، يظهر لي أنك قد وصلت إلى جرعة المائة والخمسين مليجراما يوميا؛ لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجراما. هو دواء رائع جدا. فإذا أردت أن تستمر عليه يمكنك أن تستمر عليه بجرعة حبتين في اليوم، هذه سوف تكون كافية، مع ضرورة الالتزام التام به، واجعل جرعة الـ (سوركويل) جرعة ليلية، أما المودابكس فيفضل تناوله في أثناء النهار.
وإن أردت أن تستبدل المودابكس فهناك عقار يسمى (اسيتالوبرام) والذي يعرف تجاريا باسم (سيبرالكس) أيضا من الأدوية الرائعة جدا والتي تعالج القلق والتوتر والفزع والهرع والوساوس، وتحسن المزاج.
هذا هو الذي أريد أن أذكره لك، وأعتقد أنه ليس هنالك حاجة لأن تغير الطبيب، لكن رتب الأدوية بصورة أفضل، وإن شاء الله تعالى الطبيب لن يرفض اقتراحاتنا هذه، وأيضا دعه يحولك إلى الأخصائي النفسي من أجل تطبيق تمارين الاسترخاء التي ذكرناها لك؛ لأن فائدتها العلاجية كبيرة جدا وعظيمة جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.