أمي دمرتنا بكلامها وأبي لا يهتم لأمرنا!

0 31

السؤال

أمي دائما تؤذيني، ولا تتحدث معي إلا بصوت عال، يسمعه الجيران، ودمرتني نفسيا، جعلتني إنسانا بدون قلب بسبب ما تحملته، وصل بي الحال إلى وحدة وبعد عنهم، ولم يعد لدي شغف لأي شيء سوى السفر بعيدا عنهم، لم أعد أستطع أن أدرس، أو أفعل أي شيء، ووالدي لا يهتم لأمرنا، أو يسأل كيف حالنا، كل هذا حصل لي وأعتقد أختي الكبرى صارت مثلي، ولا تحب التكلم معها؛ لأنها دائما تقول لها كلاما يدمرها.

لا أعلم كيف أعيش حياتي؟! كل أهدافي صارت ضعيفة أمامها، أمي دائما تقول لي كلاما يدمرني في أي شيء، ودائما تقلل من شأني، ويكون كل هذا بصوت عال يسمعه الجيران، وصل بي الأمر للبعد عنها، ولا أتحدث معها، لكنها هي من تأتي وتستمر بكلامها الذي يدمرنا، الحال وصل بي أنا وأختي للانعزال عنها، لم نعد نبالي لكلامها، لكنه دمرنا.

لم أعد أستطع أن أعيش حياتي، حتى أبي لا يتعب حاله بالسؤال عن حالنا، ورغم بعدنا عنها تستمر من الصباح للمساء على ذلك، عندما ترى أحدا منا تقول له كلاما لا يطاق، هذا الأمر منذ فترة كبيرة، قبل كنت أتحمل، حاليا تدمرت، واليوم رددت عليها ردا سيئا! لا أعرف ماذا أفعل؟ وهل أنا آثم إذا رددت عليها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يسترك في الدنيا والآخرة، وأن يرزقك البر، وأن يجنبك العقوق، إنه جواد كريم.

أولا: نحن نستشعر تماما حديثك، ونتفهم الألم الذي أصابك، والهم الذي اعتراك، جراء ما حدث معك من تعامل والدتك لك، ونحن ابتداء لا نوافق تربويا على تحطيم الأبناء بكثرة الانتقاد، لكن ثمة قواعد لابد أن نتحدث عنها، ونأمل أن نتفق على بعض المعايير الثابتة التي لا تتغير والتي يمكننا بعد ذلك البناء عليها:

- دعنا نتفق على أن الحب الفطري للوالدة والوالد قائم لا يتغير، وأن السلوك الخاطئ يجب أن نفصله عن الحب الفطري، تأكد -أخي الكريم- أنك لن تجد في الدنيا من يحبك كوالديك، هو حب بلا مقابل، حب فطري لا يملكان دفعه كما لا يملكان منعه، هذا أمر ليس محل خلاف، وغدا عندما تتزوج وتنجب ستعلم ذلك جيدا.

- دعنا نتفق أن هناك خلافا بين الحدث وتفسير الحدث، فمثلا ما تراه انتقادا قد تراه الوالدة خوفا وحرصا عليك، وما تراه من والدك إهمالا قد يراه غيرك انشغالا بكم لا انشغالا عنكم، فهو يكد ويتعب لأجل أن يوفر احتياجاتكم، وبحكم مقتضيات الحياة فقد يكون عنده من المشاكل أضعاف ما تعرف وأنت لا تدري.

- دعنا نتفق كذلك على أن بر الولد لوالديه ليس مرتبطا بإحسانهم إليه، بل هو مكلف شرعا بذلك، مكلف بالتودد إليهما، والإحسان لهما، ولو كانا كافرين، بل يأمرك ربك بالإحسان بهما ولو حرضاك على الشرك به، قال الله عز وجل: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)، وعليه فطاعتك للوالدة وبرك بها واجب شرعي أمرك الله به، وأنت مأجور على ذلك، والله عز وجل سيريك ثمرة هذا البر في الدنيا قبل الآخرة -إن شاء الله-.

لذلك عوضا عن أن نتحدث عن البعد عنها، أو رد الكلام عليها مما هو عقوق وإثم لا محالة، دعنا نتحدث عن الأسباب التي تجعلها تنتقد، أو ترفع صوتها عليك، دعنا نسأل أنفسنا عن ذلك، وكيف نمنعه.

أخي الكريم: إن البيئة لها دور طبيعي في تشكيل الإنسان، وإن الأم بحكم فطرتها تخاف على أولادها أكثر من نفسها، وتحبهم أكثر من أي شيء، وما انتقدت إلا لمحبة، فانظر إلى الانتقاد وتجنب سلبياته، واحرص على كثرة الحديث معها بود، واطلب بعد ذلك منها ما شئت، المهم أن يكون ذلك بود لا برد.

هذا ما نوصيك به، ونسأل الله أن يغفر لك هذا الرد على الوالدة، وأن يحفظك، وأن يحميك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات