مواصلة الدراسة العليا مع العجز عنها

0 369

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أولا/ أود أن أشكر كل من ساهم ويعمل في هذه الشبكة المباركة، والتي أحسسنا من ما تقدمه أنها قريبه منا، فلها جزيل الشكر والعرفان.

أنا شاب طموح بشكل كبير جدا ( وأحمد الله على هذا )، ولكن للأسف عملي قليل جدا، وحاولت أن أغير من نفسي كثيرا، ولكن ما ألبث أن أفشل في ذلك، ومشكلتي أني بدأت حياتي الجامعية بتعثرات هزتني كثيرا، وذلك لأني دخلت جامعة بتخصص شرعي ثم تركتها، وذهبت إلى كلية في الحاسب الآلي، ولكن المشكلة أن هذه الكلية تعطي ( الدبلوم )، وهذا الذي كدر علي حياتي بصراحة، لأني لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن تكون نهاية دراستي ( دبلوم )، بل إني من صغري وأنا أطمح بالدراسات العليا، وهذا سبب لي صدمة، والآن وبعد انتظار سنة ونصف بدون عمل أتتني وظيفة في بنك إسلامي يطبق الشريعة الإسلامية، ولكني أشعر بعدم الراحة لأن هذه الوظيفة لم أكن أبدا أتوقع أن أعمل في بنك، ولكن ساقتني إليها الظروف، حاولت قبل سنتين أو أقل قليلا أن أكمل دراسة البكالوريوس خارج المملكة، ولكن الظروف لم تساعدني، وكنت قد قدمت استشارة هنا وسرتني كثيرا وشجعتني للتكميل، ولكن لم يتحقق ذلك.

أنا الآن أحس نفسي في دوامة وفي حيرة وإحباط لعدم تحقيق أبسط طموحاتي، وهي الشهادة الجامعية، وأفكر في ترك الوظيفة في البنك والبحث عن وظيفة تمكنني أن أدرس انتساب في إحدى الجامعات، أو أن أعيد التفكير في تكميل دراستي خارجيا، ولكن أخشى أني لا أستطيع لأن الحماس بدا وكأنه قل.

أنا أحب الأدب والشعر، وأتلذذ به كثيرا، ولكن لا أجيده أبدا، وأحب أن أقرأ لكتب المفكرين والأدباء ومتابعة برامج تطوير الذات، وأحب النقد والنصح كثيرا، وأحب الاستنتاجات وإبداء الملاحظات، وأحب قراءة التاريخ، وأحب أن أطلع على ثقافات العالم، وأحب أن أعرف عادات الشعوب وحضاراتهم، وأحب أن أجمع ما أستطيع من المعلومات، وأحب أن أقرأ كثيرا وأقتني الكتب، وعندي مكتبة في غرفتي، وألذ ساعة عندي هي عندما أقلب أوراق كتاب بين يدي، وأحب أن أخلو بنفسي كثيرا، أسافر وحدي، وأنام وحدي، وآكل كثيرا لوحدي، وأحب أن أخدم نفسي بنفسي، ولا أعرف أخدم الناس، وأجد صعوبة في ذلك.

أنا الآن أفكر في أن أنتسب في إحدى الجامعات بتخصص (علم اجتماع ).
أرجو إفادتي في ما أنا فيه، وهل تستطيع من حكم رسالتي هذه تحديد شخصيتي، والتخصص الذي يناسبني في دراسة الانتساب؟
أرجو ذلك، ولكم جزيل الشكر والعرفان، وآسف على الإطالة، ولكن فلتعذرني لأني أكتب بعفوية تامة، وأنثر ما في داخلي، ولولا أن تمل من قراءة ما أكتب لكتبت المزيد والمزيد.
الحائر السائر.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الدمع السائر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإننا ننصحك بعدم ترك وظيفتك إلا بعد أن تجد غيرها، فإن الإنسان إذا رزق من شيء ينبغي أن يلزمه، ولا داعي للرجوع بفكرك إلى الوراء، فإن ذلك يؤثر عليك، واستقبل الحياة بروح جدية، واعلم أن أبواب الطموح لا تزال مفتوحة، وفي تاريخ أمتنا من نبغ بعد الأربعين، وأعرف رجلا كان يعمل بوابا في جامعة، وكان كبيرا في سنه، فتابع دراسته من المراحل الابتدائية حتى نال شهادة الدكتوراه، فلا تتردد في المضي إلى الإمام، ولا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.

وأرجو أن لا يكون هدف الدراسة هو الوظيفة، وإلا فإن الإنسان سوف يتوقف إذا جلس على الكرسي الدائري الذي ماتت عنده كثير من الهمم، وفترت عنده كثير من العزائم، ولا حد لطلب العلم، كما قال الإمام أحمد وقد سألوه إلى متى تحمل المحبرة ؟ فقال رحمه الله: (من المحبرة إلى المقبرة)، ولا يزال المرء عالما ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل، ولا شك أن العلم يرفع أهله في الدنيا والآخرة إذا أخلص أصحابه، ولذلك قال علي رضي الله عنه: ( من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم ).

ولا بأس من التخصص في علم الاجتماع الذي تجد في نفسك ميلا إليه؛ لأن هذا هو أهم شروط النجاح في الدراسة والإبداع فيها، وأرجو أن تكون أهدافك مرتبة ومحددة، فالدراسة مثلا تحتاج لبعض المال، ولست أدري ما هو وضع الأسرة، وهل هناك من يستطيع أن يساعدك ماديا، فإن وجد فيمكنك أخذ أجازة من العمل حتى تتمكن من إكمال المشوار، فإن تعذر هذا فيمكنك أن تكمل دراستك عن طريق الانتساب، والعبرة في الدراسات الجامعية وما فوقها باجتهاد الطالب؛ لأن الجامعات لا تعطي إلا مفاتيح فقط، فإن استخدمها الطالب وجد واجتهد وتوكل على الفرد الصمد فتح الله عليه، وإن أهمل المفاتيح أصابها الصدأ والتلف.

ولا شك أن الإنسان ينتفع من ثقافته ومن قراءاته المتنوعة، وينتفع بتجاربه في العمل الوظيفي، وبخبراته في مدرسة الحياة، بمعاناتها ومشاكلها، فاحرص على طاعة الله، وتوجه إليه فإن التوفيق بيده، واحرص على بر والديك وصلة رحمك، وكن محبا للخير وحريصا على منفعة الغير.

ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يحقق لك أمنيتك، وأن ينفع بك.


مواد ذات صلة

الاستشارات