السؤال
السلام عليكم.
أعيش حاليا صدمة من أقرب الناس، وهي زوجتي التي كانت توهمني بحبها الشديد، وجعلتني أضحي لأجلها وأعمل المستحيل؛ حتى كانت هي سبب مشاكل بيني وبين أهلها، وفي الأخير تتخلى عني وتختار أهلها على حسابي، رغم أن المشاكل هي سببها، وتطلب الطلاق؛ رغم أنه لا يوجد أي مشاكل بيننا.
سؤالي: هل هناك أشخاص بهذه الدرجة من التمثيل، والقدرة على التغير مثل الحرباء، والتلاعب بالعواطف؟
أشعر بالصدمة والحزن الشديد، كيف أتغلب على ذلك؟ وأتخلص من التفكير فيها وأبدأ حياة جديدة؟
وللعلم: ظروفي المادية لا تسمح حاليا بالزواج مرة أخرى؛ لذا الفراغ العاطفي كيف أعالجه؟ وكيف أتخلص من التعلق؟ حياتي مضطربة، أضف أن الضيق المالي زاد ذلك.
سؤالي الآخر: هل هناك تفسير للتعاسة والمشاكل المستمرة في الأسرة وعدم الاستقرار؟ وما هو العلاج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك مجددا – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يصلح حالك كله، وأن يديم الألفة والمودة بينك وبين زوجتك.
ونحن نتفهم –أيها الحبيب– ما تعيشه من مشاعر تجاه موقف زوجتك التي تفاجأت بها، ولكن بشيء من الروية والهدوء والتفكر في طبيعة المرأة عموما، والتأمل في الأحوال التي قد تحيط بها وتدفعها إلى بعض التصرفات، كل ذلك قد يزيل عنك هذه الصدمة ويجعلك تتفهم موقف هذه الزوجة، أو على الأقل أن تعذرها في بعض ما فعلته.
فمن ناحية التفكر في أخلاق النساء عموما: قد أخبرنا النبي ﷺ في أحاديث صحيحة عن خلق المرأة، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: قال النبي ﷺ: (أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن)، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط).
فالنبي ﷺ أخبر في هذا الحديث عن وصف ملازم للنساء، وهو المسارعة والمبادرة إلى إنكار الإحسان الذي تحصل عليه المرأة من العشير وهو الزوج، وأن ذلك من الأسباب التي جعلها الله -سبحانه وتعالى- سببا لدخول كثير من النساء النار، فينبغي أن نكون عونا للمرأة على التغلب على هذا الخلق، وتجنب الوقوع فيه، بتذكيرها بهدوء ورفق ولين ما هو الواجب عليها، وتعريفها بحق الزوج.
وأما عن الأحوال التي تحيط بهذه الواقعة بخصوصها: فإنا لا ندري ما هي العوامل التي أدت بزوجتك إلى اتخاذ هذا القرار ووقوفها بجانب أهلها، فربما تعرضت لضغط من أهلها، أو أقنعوها بجدوى الفراق والطلاق.
والسبيل –أيها الحبيب– الذي ينفعك وينفعها وينفع أسرتك أن تحاول الاستعانة بمن يريدون الإصلاح بينك وبين زوجتك، فإن الله -سبحانه وتعالى- أرشد إلى هذا، فقال سبحانه وتعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا} [النساء: 35] فليس كل الناس يريد الإصلاح، فينبغي الاستعانة بمن يريد الإصلاح ويحرص عليه، وأن يوصل الرسائل الإيجابية المتبادلة بينك وبين زوجتك، فإن هذا النوع من التواصل قد يجفف منابع القسوة والمشاعر السلبية التي تحس بها زوجتك، وتقرر على ضوئها أن الأحسن أن تفارقك.
أنت –أيها الحبيب– الرجل في الأسرة، والله -سبحانه وتعالى- جعل القوامة للرجل؛ لأنه أكثر هدوءا، وأقدر على التعامل مع الأحوال والظروف، فلا ينبغي أن تضيع هذه الفرصة، فحاول إصلاح زوجتك بقدر استطاعتك، وتجاوز عن بعض هفواتها وأخطائها، فهذا شأن المرأة، فإن المرأة لا تزال على عوج، كما جاء بذلك الحديث النبوي، ومن ذهب يقيم هذا العوج لا بد أن يقع في كسره، وكسرها طلاقها كما أخبر الرسول ﷺ.
حاول أولا قبل أن تقرر الطلاق، حاول إصلاح الحال بينك وبين زوجتك، واتبع هذه الأسباب، واستعن بمن يريد الإصلاح، وأكثر من دعاء الله -سبحانه وتعالى- أن يصلح ما بينك وبين زوجتك، ولعل الله -سبحانه وتعالى- يجعل في جهودك هذه ما يغنيك عن كثير من المشكلات الأخرى.
أما إذا قدر الله -سبحانه وتعالى- الطلاق بعد العجز عن الإصلاح؛ فإن الطلاق قد يجعله الله -سبحانه وتعالى- فرجا للطرفين، كما قال سبحانه: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما} [النساء: 130].
فالجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- لييسر لك الأمور، ويقضي لك الحاجات، ويغنيك بالحلال عن الحرام.
أما عن تفسير التعاسة والمشاكل المستمرة في الأسرة: فلا نملك تفسيرا محددا، لكن الذي نستطيع أن نقوله: إن الإنسان ينبغي أن يكون قريبا من الله -سبحانه وتعالى- مصلحا حاله مع ربه بأداء الفرائض واجتناب المحرمات؛ فإن طاعة الله -سبحانه وتعالى- سبب أكيد لحياة هادئة مستقرة، كما قال سبحانه وتعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} [النحل: 97].
نسأل الله -سبحانه وتعالى- لك حياة طيبة، وأن يصلح ما بينك وبين زوجتك، ويقدر لك الخير حيث كان.